للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأندلس، على النحو الآتي، قال: " وإنما كانت الأندلس للروم في أول الأمر، حتى غلب عليهم العرب، وألحقوهم بأنحس البقاع، جليقية، فهم الآن عند التمكن طامعين بأخذ ظلاماتهم، فلا يصح ذلك إلا بضعف الحال والمطاولة، حتى إذا لم يبق مال ولا رجال، أخذناها بلا تكلف " (١).

والتفت عبد الله للشئون الداخلية، فعمل أولا على إزالة وزيره سماجة، وكان هذا الوزير قد غلا في الاستئثار بالسلطة، والاستبداد بالأمور، حتى شعر عبد الله بأنه لم يبق له سلطان إلى جانبه. ومن جهة أخرى، فقد كان هذا الاستبداد يثير سخط رجال الدولة وطوائف الشعب عليه، حسبما يحدثنا بذلك الأمير في مذكراته، ومن ثم فقد عمل عبد الله على إقالة وزيره بالحسنى، وسمح له أن يسير في أهله وأمواله الطائلة إلى ألمرية، حيث نزل بها في كنف صاحبها ابن صمادح، واستقر هناك بحال ثروة وغناء (٢).

وحاول عبد الله أن يعمل في نفس الوقت على تنظيم الإدارة، وعزل الحكام الظلمة، وبدأ في ذلك بوادي آش، فعزل حاكمها ابن أبي جوش واعتقله، ثم عزل حاكم المنكب وعين حكاماً آخرين يظن فيهم العدل وحسن السيرة.

وعقد الصلح والمودة مع ابن صمادح صاحب ألمرية، بعد أن سوى النزاع بينهما على حصون الحدود مما يلي فنيانه (٣).

وكان تميم بن بلقين أخو عبد الله، قد استقل في تلك الأثناء بحكم مالقة وأعمالها، وتلقب بالمنتصر بالله، واستبد وأساء في حكمه السيرة، وأخذ يغير على نواحي المنكب وغيرها مما هو واقع تحت حكم أخيه. فسار إليه عبد الله في بعض قواته، واستولى على بعض حصون مالقة الأمامية، ثم وقع القتال بين قوات الأخوين أمام مالقة وهزم عبد الله أولا، ولكنه عاد فهزم جند مالقة، وضيق على المدينة، فبعث إليه أخوه يستعطفه، وتدخلت والدتهما في الأمر، وخشي عبد الله من جهة أخرى أن يتحول أخوه إذا اشتد عليه، إلى محالفة ابن عباد، فمال إلى مهادنته، وترك له حكم مالقة ونواحي الغربية أي غربي مالقة.


(١) كتاب التبيان ص ٧٣.
(٢) كتاب التبيان ص ٨٧ و ٨٨، وأعمال الأعلام ص ٢٣٥.
(٣) كتاب التبيان ص ٨٩ و ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>