وثار في نفس الوقت كباب بن تميت حاكم أرشدونة (أرجدونة) وأنتقيرة وعاث فساداً في تلك المنطقة، فسار إليه عبد الله، وضيق عليه، حتى خضع، وأخرج بالأمان.
وأخيراً تم عقد الصلح والمهادنة بين عبد الله بن بلقين والمعتمد بن عباد، ولم يتيسر ذلك إلا بعد مصرع ابن عمار وزير المعتمد، وهو الذي يصفه عبد الله " بالفاسق " وبأنه كان أس الفتنة، وسويت بين الفريقين سائر وجوه النزاع، من حدود وغيرها (أواخر سنة ٤٧٧ هـ).
ولم تمض أسابيع قلائل على ذلك، حتى وقع الحادث بسقوط طليطلة في يد ألفونسو السادس ملك قشتالة، وذلك في فاتحة صفر سنة ٤٧٨ هـ (٢٤ مايو سنة ١٠٨٥ م) , فاهتزت الأندلس من أقصاها إلى أقصاها، وأفاق ملوك الطوائف لأول مرة من تلك الغمرة التي خدرت مشاعرهم، وأعمت بصائرهم مدى نصف قرن، سادت فيه بينهم الفتن والحروب الأهلية، ولبثوا يمزقون بعضهم بعضاً، والعدو الخالد يضرب بينهم، ويؤلب بعضهم على بعض ويتربص الفرصة لانتزاع كل ما يمكن انتزاعه من أراضي ذلك الوطن الذي نسوا قضيته، وضحوا بمصلحته العليا، استبقاء لمصالحهم الخاصة، وأطماعهم الدنيا.
كان سقوط الحاضرة الأندلسية الكبرى - طليطلة - إذن نذير الخطر العام فنهض المعتمد بن عباد - وقد كان يحمل في وقوع تلك المحنة أكبر الأوزار - ونهض زملاؤه أمراء الطوائف، يحاولون جمع الكلمة، ويزمعون الاستنجاد بإخوانهم فيما وراء البحر، ويبعثون بصريخهم، إلى عاهل المرابطين الأمير يوسف ابن تاشفين، حسبما فصلنا ذلك من قبل في أخبار مملكة إشبيلية.
ويقول لنا الأمير عبد الله في مذكراته، إن أول من خطر له الاستنصار بالمرابطين من أمراء الأندلس، هو أخوه الأمير تميم والي مالقة، وأنه أراد أن يستعين بهم ضده ليستدرك ما فاته من مملكة جده باديس، ولكن أمير المسلمين لم يلتفت إلى دعوته (١).
وقد كان عبد الله على اتفاق مع زملائه أمراء الطوائف في استدعاء المرابطين، وقد أرسل رسله مع رسل ابن عباد إلى أمير المسلمين، وتم الاتفاق فيما بين