للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخلفه والده الأكبر إسحق بن محمد، وهو في سن الكهولة. ويصفه ابن حيان بأنه كان رئيساً حازماً وافر الكفاية والبأس والفروسية، ولكن دون أبيه محمد في القسوة والفظاظة " وكلاهما على ذلك موصوف بالعفة والنزاهة، والبعد عن آفات الملوك الشائنة " (١). والظاهر أنه لم يحكم طويلا. بل إن صاحب الرواية الخاصة بالطوائف، التي سبقت الإشارة إليها، يغفل ذكره تماماً، ويقول لنا إن الذي خلف أبا عبد الله البرزالي، هو ولده عزيز الملقب بالمستظهر وإن أخاه إسحق بايعه، وتم له الأمر (٢).

وسار المستظهر في حكمه سيرة حسنة، وبايعت له البلاد التي كانت تحت حكم أبيه، وساد الأمن والرخاء في أيامه، بيد أنه لم يلبث أن بدأ المعتضد بن عباد في مضايقته وإرهاقه بغزو أراضيه وانتساف زروعه، واستمرت المعارك بينهما أعواماً، وهلك في ذلك النضال كثير من البربر، واضطربت الأحوال في مملكة قرمونة، وعندئذ بعث عزيز المستظهر إلى المأمون بن ذى النون صاحب طليطلة، يعرض عليه أن يسلمه قرمونة، نكاية في ابن عباد، على أن يعوضه عنها ابن ذى النون قسماً من أراضيه الجوفية، فقبل المأمون هذا العرض، وانتقل عزيز بأهله وأمواله إلى حصن المدور شمالي إستجة من أراضيه، وعاش هنالك حتى توفي. وفي أثناء ذلك وقعت المفاوضة بين ابن عباد، والمأمون، وتفاهما على أن ينزل المأمون للمعتضد عن قرمونة لقربها من أراضيه، وأن يتعاون الاثنان على افتتاح قرطبة، واستلم ابن عباد قرمونة ولكنه لم يف للمأمون بشىء من عهوده (٣).

وفي رواية أخرى، أن المستظهر اضطر في النهاية أن ينزل مباشرة عن قرمونة إلى ابن عباد، بعدما يئس من القدرة على الاحتفاظ بها، وأنه سار بأمان ابن عباد إلى إشبيلية، وهنالك توفي بعد قليل. وكان استيلاء ابن عباد على قرمونة في سنة ٤٥٩ هـ (١٠٦٧ م). وبذلك انتهت دولة بني برزال في هذا القطاع من المثلث الأندلسي، واختفت واحدة من الإمارات البربرية (٤).


(١) نقله أعمال الأعلام ص ٢٣٧.
(٢) ذيل البيان المغرب ج ٣ ص ٣١٢.
(٣) راجع أعمال الأعلام ص ٢٣٨.
(٤) راجع في أخبار مملكة قرمونة، أعمال الأعلام ص ٢٣٦ - ٢٣٨، وذيل البيان المغرب ص ٣١١ و ٣١٢. وكذلك: P.y Vives: Historia de Los Reyes de Taifas ; p. ٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>