للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - دولة بني يفرن في رندة

وبنو يفرن هم أيضاً بطن من بطون زناتة، وكانوا بالمغرب من أولياء الدعوة الفاطمية، وقد اشتركوا في الحرب التي وقعت بالمغرب أيام المنصور بن أبي عامر، وقاتلهم زيري بن عطية أمير مغراوة وعامل المنصور على المغرب، حتى هزمهم بعد معارك هائلة، وهلك أميرهم يدُّو بن يعلي وذلك في سنة ٣٨٣ هـ. وعلى أثر ذلك افترقوا إلى شقين، وجنحت منهم شيعة إلى الانحياز إلى الدعوة المروانية، واستأذنوا المنصور في الجواز إلى الأندلس، فأذن لهم وخدموا في الدولة والجيش أسوة بباقي الوافدين من القبائل البربرية. ولما انتهت الدولة العامرية، واضطربت نار الفتنة، وتفرقت القبائل البربرية في النواحي، استقر بنو يفرن في ولاية تاكرونَّا، واتخذوا من قلعتها رندة مركزاً لرياستهم (١)، وكان زعيمهم يومئذ هو أبو نور هلال بن أبي قرة بن دوناس اليفرني. وكان زعيماً " جسوراً جشعاً، مقداماً، عزيز الجانب ببأس رجاله ووعورة رحاله، وحصانة قلاعه "، ولكنه كان في نفس الوقت عاطلا عن كل فضيلة وكل خلة حسنة. وبدأ هلال رياسته لمنطقة تاكرونَّا، حسبما يقول لنا صاحب الرواية المتعلقة بتاريخ الطوائف، عقب وفاة إدريس بن علي بن حمود في سنة ٤٣١ هـ (١٠٣٩ م) (٢)، وكانت تشمل أراضي ولاية ريُّه، ما بين نهر وادي لكه والبحر، وكانت قاعدتها رندة من أمنع معاقل الأندلس الجنوبية. وقد رأينا القاضي ابن عباد يخطب منذ البداية ود أولئك الأمراء البربر الذين يحتلون أراضي القطاع الأندلسي الجنوبي المتاخم لأراضيه. وجرى ولده المعتضد على سياسته في توثيق أواصر المودة معهم. بيد أن سياسة بني عباد، لم تكن تقوم في ذلك حسبما رأينا، على الصدق والولاء، وإنما كانت تقوم على الخديعة والمصانعة، وقد تجلت حقيقتها في حوادث مملكة قرمونة. وهكذا كان المعتضد يبدي مودته لأبى نور زعيم بني يفرن، وزملائه أمراء بني دمر أصحاب ولاية مورور، وبني خزرون أصحاب ولاية شذونة وأركش،


(١) نبذ تاريخية في تاريخ البربر ص ٤٥.
(٢) راجع ذيل البيان المغرب ج ٣ ص ٣١٢. ويقول صاحب الرواية إن هلالا قد بويع له بعد موت إدريس بن علي بن حمود سنة ست وأربعمائة وهو تحريف. فقد توفي إدريس سنة ٤٣١ هـ (١٠٣٩ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>