للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد العزيز. ذلك أن لورقة، وهي آخر قواعد مملكة ألمرية الشمالية الشرقية، تقع على حدود مملكة بلنسية، وقد استنصر الثائر بعبد العزيز، فبادر بتلبية دعوته، وأمده ببعض قواته، وزحف المعتصم في جيشه على لورقة، وأمده باديس من جانبه بقواته، ونشبت بين الفريقين معارك انتهت بهزيمة ابن شبيب واستيلاء المعتصم على حصون لورقة، وعودتها إلى حظيرة مملكة ألمرية (١). بيد أنه يبدو أن ابن شبيب قد استأنف الثورة بعد ذلك، واستطاع أن يستقل بحكم لورقة، وخلفه إخوته الثلاثة في حكمها بالتعاقب، واعترف آخرهم بطاعة ابن عباد صاحب إشبيلية، واستمر على حكمها باسمه، حتى سقطت إشبيلية في يد المرابطين في سنة ٤٨٤ هـ (١٠٩١ م) (٢). فلما توفي عبد العزيز في سنة ٤٥٢ هـ (١٠٦٠ م)، وخلفه في حكم بلنسية، ولده عبد الملك الملقب بالمظفر، بعث المعتصم بن صمادح بعض قواته فأغارت على بعض حصونه في تدمير، وساعده في تلك الحركة أيضاً باديس، ولكنه باء بالفشل، وردت جنده على أعقابها (٣).

ثم تطورت العلائق بعد ذلك بين المعتصم وباديس، وثابت للمعتصم أطماع في الاستيلاء على أراضي غرناطة المجاورة لمملكته. والظاهر حسبما يحدثنا الأمير عبد الله بن بلقين أمير غرناطة في مذكراته، أن الذي كان يوحي إليه بتلك الأطماع ويشجعها، هو يوسف بن نغرالة اليهودي، وزير باديس، بل يقول لنا الأمير إن مشروع ابن نغرالة كان يرمي إلى تمكين المعتصم من الاستيلاء على غرناطة ذاتها (٤). وعلى أي حال فقد استطاع المعتصم أن يستولي على بعض أراضي غرناطة الشرقية وعلى حصن وادي آش. وقد رأينا فيما تقدم من أخبار باديس أنه ركن إلى الدعة في أواخر عهده، ووقع التفكك في مملكته. وهو قد استرد وادي آش من ابن صمادح فيما بعد، ولكن الظاهر أنه فقد جيان في أواخر عهده، واستولى عليها المعتصم بمداخلة الخوارج فيها. وكانت مملكة ألمرية تشمل


(١) ابن خلدرن ج ٤ ص ١٦٢.
(٢) Gaspar Remiro: Murcia Musulmana ; p. ١٠٥
(٣) الذخيرة القسم الأول المجلد الثاني ص ٢٣٩، والبيان المغرب ج ٣ ص ١٧٤.
(٤) كتاب التبيان ص ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>