عاد على أثر موقعة الزلاقة إلى المغرب، فلما وقف على اضطراب شئون الأندلس وتفككها بعد رحيله، واشتداد عدوان النصارى في المنطقة الشرقية، عاد فعبر البحر إلى الأندلس في قواته (٤٨١ هـ)، وتعاونت القوات الأندلسية مع القوات المرابطية في حصار حصن لييط، وكان المعتصم في مقدمة الأمراء الذين هرعوا إلى المساهمة في ذلك الحصار، وخصوصاً لقرب ذلك الحصن من أراضيه، وتعرضها بذلك لعيث النصارى. وطال الحصار مدى أربعة أشهر، ولم ينجح المسلمون في اقتحام لييط، بالرغم من وفرة قواتهم وعددهم، واضطروا إلى ترك الحصار، بعد أن فنيت معظم حاميته، واضطر ألفونسو بعد ذلك إلى إخلائه لعقم الدفاع عنه.
وتوفي المعتصم بن صمادح في ربيع الآخر سنة ٤٨٤ هـ (١٠٩١ م) بعد أن حكم إحدى وأربعين عاماً. بيد أنه شهد قبل أن يثوي إلى قبره نذر الخاتمة المشئومة تبدو في الأفق. ذلك أن يوسف بن تاشفين عبر البحر للمرة الثالثة (٤٨٣ هـ) لا لينجد أمراء الأندلس هذة المرة، ولكن ليقضي عليهم وعلى دولهم المنحلة المفككة، وبدأ في ذلك بإمارة غرناطة واستولى عليها، ثم بعث قواته إلى إشبيلية لتقضي هنالك على دولة بني عباد. وهنالك روايتان فيما يتعلق بسقوط ألمرية، الأولى أن المرابطين حاصروها بالفعل، وامتلكوا معظم حصونها، وضيقوا على المعتصم، وهو ملازم سريره يعاني مرض موته، وأنه ألقى عندئذ عبارته المشهورة:" نُغص علينا كل شىء حتى الموت ". وحينما ألفى جاريته تبكي عند رأسه قال هذا البيت:
ترفق بدمعك لا تفنه ... فبين يديك بكاء طويل (١)
ومما قاله أيضاً حينما شعر بدنو أجله:
تمتعت بالنعماء حتى مللتها ... وقد أضجرت عينيَّ مما سئمتها
فيا عجباً لما قضيت قضاءها ... وملِّيتُها عمري تصرم وقتها
وأما الرواية الثانية فتقول بأن المعتصم توفي قبل مقدم المرابطين، وأنه أوصى
(١) الذخيرة القسم الأول المجلد الثاني ص ٢٤٠ و ٢٤١، والبيان المغرب ج ٣ ص ١٦٨، وأعمال الأعلام ص ١٩٣، وابن خلدون ج ٤ ص ١٦٢.