علي بن تاشفين، يطلب إليه الغوث قبل أن تسقط الجزائر في أيدي النصارى.
وكان المرابطون قد استولوا عندئذ على شرقي الأندلس كله، وأحرزوا انتصارهم الحاسم على القشتاليين في موقعة إقليش (٥٠١ هـ - ١١٠٨ م) ثم استولوا في العام التالي على سرقسطة (٥٠٢ هـ)، وقضوا على ملك بني هود، وأضحوا يهددون منها مملكة برشلونة النصرانية. وقدر أمير المسلمين أهمية ميورقة، وأمر بتجهيز الأساطيل لإنجادها، ورأى المرابطون أن يضغطوا في نفس الوقت على مملكة برشلونة التي كان أميرها برنجير الثالث يشترك بأسطوله في حصار ميورقة، فسارت قواتهم شمالا، وإخترقت أراضي قطلونية وعاثت فيها. ولكن الكونت برنجير، اضطر إزاء ضغط حلفائه، أن يبقى معهم حتى النهاية في مياه ميورقة.
واشتد الحصار على ميورقة، وطوقها النصارى بنطاق محكم من الآلات الضخمة وقطعوا عنها كل معونة ونجدة، وقاسى المسلمون أهوالا من الجوع والحرمان، ولكنهم صمموا أن يموتوا دفاعاً عن أرضهم، وتوفي خلال ذلك الأمير مبشر ابن سليمان، فخلفه في الحكم أبو الربيع سليمان، وصمم أن يمضي في المقاومة، وحاول أن يغادر الجزيرة مع بعض صحبه في مركب صغيرة، ليسعى إلى طلب النجدة، فأسره النصارى. واستطاع النصارى أن يقتحموا السور الأول في فبراير سنة ١١١٦ م (أواخر سنة ٥٠٨ هـ) ثم اقتحموا بقية الأسوار تباعاً. وفي أواخر مارس دخل النصارى مدينة ميورقة، واحتلو قصر المُدَينة قصر الحكم، وعاثوا فيها تخريباً ونهباً وسبياً، ثم أضرموا فيها النار، ولم يكن بها عندئذ سوى الشيوخ والنساء والأطفال بعد أن هلك معظم المدافعين عنها في الحصار، فقتل النصارى منهم جملة كبيرة، وكان الكونت برنجير صاحب برشلونة، قد اضطر قبيل سقوط المدينة، أن يعود إلى مملكته حين علم باشتداد ضغط المرابطين عليها، وحصارهم لبرشلونة عاصمتها.
وفي أثناء ذلك كان أمير المسلمين علي بن تاشفين، قد تلقى صريخ مبشر على يد بحار جرىء هو عبد الله بن ميمون، وكان قد استطاع أن يخترق الحصار بسفينته تحت جنح الظلام، وأن يعبر البحر إلى المغرب. وبادر أمير المسلمين فجهز أسطولا ضخماً من خمسمائة سفينة، وأقلعت السفن المرابطية بسرعة صوب الجزائر بقيادة أمير البحر ابن تفرتاش. وعلم البيزيون وحلفاؤهم بذلك، فأدركوا