للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنجية بالقراصنة، تخرج من ثغور الجزائر المختلفة، وتغير من آن لآخر على شواطىء قطلونية، وبروفانس وليجوريا، وكانت سفن النورمان والبيزيين والقطلان من جانبها تغير على شواطىء الجزائر وتعيث فيها. وكان من الحوادث الشهيرة في هذا العهد أن طائفة من السفن النرويجية جاءت بقيادة الملك سيجورد ملك النرويج، وعاثت في شواطىء اسبانيا الغربية، ثم عبرت مضيق جبل طارق، وسارت إلى الجزائر الشرقية، وهاجمت جزيرة فورمنتيرا الصغيرة المنيعة الواقعة جنوبي جزيرة يابسة، وكانت قد أودعت بها أموال وذخائر كثيرة للمسلمين، تقوم على حراستها حامية صغيرة، فاقتحم سيجورد الجزيرة، وأضرم فيها النار، واستولى على ما فيها من الأموال، ومات سائر المسلمين المدافعين عنها (١).

وكانت جمهورية بيزة الإيطالية أشد البلاد اهتماماً بالاستيلاء على الجزائر الشرقية، ووضع حد لغارتها المتكررة على الشواطىء الإيطالية، وكان البابا يشجع هذا المشروع ويباركه. وعقدت بيزة من أجل ذلك حلفاً مع أمير برشلونة رامون برنجير الثالث. وفي صيف سنة ١١١٤ م (أوائل ٥٠٨ هـ) خرج من مياه بيزة أسطول الغزو وقوامه نحو ثلاثمائة سفينة، ومعه وحدات بحرية أخرى من برشلونة ومن فرنسا، وعرج الأسطول أولا على مياه الجزائر، ونزلت بعض وحداته في إحدى الجزر الصغيرة. ولما علم بذلك مبشر، بعث رسله يعرض الصلح على الغزاة، ويعرض تسليم الأسرى، وأن يؤدي تعويضاً عن نفقات الحملة، فرفض الغزاة، وسارت سفنهم فرست في مياه قطلونية حتى اقترب الربيع، ثم سارت بعد ذلك صوب جزيرة يابسة، وكانت سفن الغزاة، قد غدت يومئذ نحو خمسمائة سفينة، ومع ذلك فقد عقد مبشر عزمه على المقاومة، فحصن ميورقة، وبذل جهده في إعداد وسائل الدفاع. واستولى الغزاة على يابسة بسهولة، ثم اتجهوا نحو ميورقة كبرى الجزائر، ونزلوا فيها، وضربوا الحصار حول مدينة ميورقة عاصمتها.

واستعد مبشر لحصار طويل الأمد، وبعث في الحال صريخه إلى أمير المسلمين


(١) راجع: Dozy: Recherches; V.II p. ٢٣٢-٢٣٦ وكذلك A. Campaner y Fuentes: Bosquejo Historico de la Dominacion Islamica en las Islas Baleares (Palma ١٨٨٨) p. ٤٤-٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>