للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثت زهير نفسه بالسير إلى غرناطة لافتتاحها، وكيف لقى مصرعه في المعركة التي نشبت بينه وبين باديس بن حبوس صاحب غرناطة، وذلك في سنة ٤٢٩ هـ (١٠٣٨ م). وهنا لاحت لعبد العزيز المنصور، الفرصة السانحة لتوسيع مملكته, وكتب إليه أهل ألمرية يدعونه لرياستهم، وبعث وزيره وصهره زوج أخته معن بن صمادح إلى باديس يحثه على إعدام الأسرى من وزراء زهير وقواده وفي مقدمتهم كاتبه أحمد بن عباس، خشية أن يعود أحد منهم إلى مناوأته في حكم ألمرية، فكان له ما أراد، وخلصت له ألمرية أولا لمبايعة أهلها له، وثانياً لأنها باعتبارها من أملاك الفتيان العامريين موالي أبيه وجده، تعتبر له ميراثاً شرعياً.

وهكذا استولى عبد العزيز على ألمرية وأعمالها، ما عدا ولاية جيان التي انتزعها باديس لنفسه عقب مصرع زهير.

وغدت مملكة بلنسية بإضافة ألمرية إليها من أعظم ممالك الطوائف. وهنا شعر مجاهد العامري صاحب دانية والجزائر الشرقية، بخطر هذه المملكة القوية الجديدة على سلطانه، فنهض لمهاجمتها ومحاربتها، وزحف عليها بقواته، واجتاح رقعتها الوسطى من شاطبة إلى لورقة، وثارت حصون شاطبة ولورقة وشوذر على عبد العزيز. وكان عبد العزيز عندئذ في ألمرية ينظم شئونها مع وزيره معن ابن صمادح، فبادر بمغادرة ألمرية للدفاع عن أرضه، وندب وزيره معناً ليسهر على شئون ألمرية، فكان أن خان ابن صمادح عهد أميره، وانتزع لنفسه رياسة ألمرية حسبما فصلناه في أخباره.

وخرج عبد العزيز من ألمرية في سنة ٤٣٣ هـ (١٠٤١ م) لملاقاة خصومه، وزحف تواً على شاطبة، فخرج إليه العبيد العامريون، وهزموه في أول موقعة نشبت بينهما، ولكنه جمع فلوله وعاد فكرّ عليهم، وظفر بهم، وقتل منهم جملة كبيرة ودخل شاطبة (١). وكانت مدينة مرسية تابعة حسبما تقدم لمملكة بلنسية، وكان عليها من قبل زهير، نائبه أبو بكر أحمد بن إسحاق بن طاهر، وكان حسبما تقدم رجلا وافر العلم والوجاهة والسراوة، فضبط المدينة وحكمها بحزم وبراعة، دون أن يتخذ ألقاباً أو يبدو في ثوب الإمارة، فأقره عبد العزيز على ولايته.

وكان عبد العزيز على علائق طيبة مع ملوك اسبانيا النصرانية، ولاسيما


(١) البيان المغرب ج ٣ ص ٣٠٢، وراجع دوزي: Hist. V.III.p. ٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>