للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرناندو الأول ملك قشتالة، وقد استعان عبد العزيز في محاربة خصمه مجاهد العامري ببعض سريات من المرتزقة النصارى. ولم تصب أراضي بلنسية في عهده بشىء من الغزوات المخربة، التي كانت تجتاح ولايات الأندلس الغربية والوسطى. وربما كان ذلك راجعاً من بعض النواحي إلى أرومته وقرابته عن طريق جدته، إلى الملوك النصارى (١).

واستطالت إمارة عبد العزيز المنصور لبلنسية زهاء أربعين عاماً. ثم توفي في شهر ذي الحجة سنة ٤٥٢ هـ (يناير ١٠٦١ م).

فخلفه ولده عبد الملك بإجماع أهل الدولة، وبويع في بلنسية وشاطبة، واستقر في بلنسية، ولقب بنظام الدولة، وبالمظفر. وكان حدثاً يافعاً، فتولى تدبير الدولة، وزير أبيه أبو عبد الله محمد بن مروان بن عبد العزيز القرطبي المشهور بابن رويش، وكان رجلا وافر العلم والحنكة، فأحسن تدبير الأمور، واستقر على يديه النظام والأمن، بالرغم مما كانت تعانيه بلنسية من نقص في المواد والرجال، وفساد في الأعمال. وكان يولى المأمون بن ذى النون صاحب طليطلة القوي مكانة خاصة، إذ كان صهر عبد الملك وحماه، وكان يبدي نحوه عطفاً واهتماماً بمعاونته والدفاع عنه، وكان عقب وفاة عبد العزيز، قد سار في بعض قواته إلى قلعة قونقة القريبة من بلنسية، ليكون قريباً من صهره، ثم أوفد إلى بلنسية أحد قواده في جماعة قوية من الجند، وكاتبه ابن مثنى، ليكونوا إلى جانب عبد الملك، بحجة معاونته وشد أزره، والمحافظة على السكينة والنظام (٢).

بيد أن المأمون كان يضمر نحو صهره ونحو بلنسية نيات أخرى، وكان يُسر له بالأخص أنه يسىء معاملة ابنته، ويبالغ في إهانتها وإيلامها، وكان عبد الملك حسبما يخبرنا ابن حيان " منهمكاً في الشراب، غارباً عن الخصال المحمودة مع رقة الديانة ونقص المروءة، وكثرة الاستمهال، والانحطاط في مهاوي اللذات " (٣)

ثم كان يُسر له أيضاً أنه يأوي في بلنسية بعض خصومه من السياسيين الفارين من طليطلة، وأخيراً فقد طلب المأمون إلى صهره أن يعاونه بجنده في حملته ضد ابن عباد، فأبى عليه ذلك وفقاً لنصح وزيره، واعتذر بأنه يخشى عدوان أمير


(١) أعمال الأعلام ص ١٩٥.
(٢) الذخيرة القسم الثالث المخطوط لوحة ٤٩ ب، والبيان المغرب ج ٣ ص ١٦٥ و ١٦٦.
(٣) البيان المغرب ج ٣ ص ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>