ليخوضوا المعركة إلى جانبه، وكان أن كتب النصر الباهر لجيوش الإسلام على جيوش النصرانية في موقعة الزلاّقة وذلك في رجب سنة ٤٧٩ هـ (أكتوبر ١٠٨٦ م).
وتنفس أهل بلنسية الصعداء لرحيل القشتاليين، وانتعشت نفوسهم لانتصار المسلمين، وتحطيم قوى ملك قشتالة، وبادر القادر من جانبه، فبعث إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، يلتمس صداقته ومحالفته، أسوة بباقي أمراء الأندلس. بيد أن هذه المحالفة النظرية، لم تفده بشىء لأن أمير المسلمين، كان ما يزال في شغل شاغل عن الالتفات إلى شئون شرقي الأندلس.
وسرى الاضطراب إلى بلنسية، وبدأ حكام الحصون المختلفة، في التحرك والعصيان، وشعر القادر أنه عاجز عن أن يملك زمام الموقف، وأن الأمور سوف تنتهي به إلى أسوأ العواقب، إذا تركت بلنسية إلى مصيرها، وقد كانت بلنسية في الواقع في هذه الحالة التي افتقدت فيها كل زعامة قوية، وكل إدارة حازمة، تضطرم حولها الأطماع من كل صوب.
ذلك أن المنذر بن هود صاحب لاردة وطرطوشة، كان يرقب فرص الاستيلاء على بلنسية، وخصوصاً منذ استطاع أبوه أن يتغلب على مملكة دانية، وأن يضمها إلى أراضيه وذلك في سنة ٤٦٩ هـ (١٠٧٦ م)، وبذلك امتدت مملكته من لاردة شمالا حتى دانية وأعمالها جنوباً، وكانت بلنسية بذلك تشطر مملكته إلى شطرين، وتحول دون وحدة أراضيها. فلما رأى المنذر اضطراب الأحوال في بلنسية، شعر أن الفرصة المنشودة قد سنحت، فسار في قواته صوب بلنسية، ومعه سرية من المرتزقة القطلان، وضرب الحصار حول المدينة (١٠٨٨ م)، وكان يؤازره في داخلها كثير من الأنصار، كانوا يؤيدون قضيته، ويودون أن تسلم إليه.
وهنا استولى الاضطراب والذعر على القادر، وفكر بالفعل في تسليم المدينة، لولا أن نصحه ابن طاهر صاحب مرسية السابق، وكان قد لجأ إلى بلنسية مذ غلب عليه ابن عمار وزير المعتمد، بالتريث وشجعه على الصمود والدفاع.
وبعث القادر في نفس الوقت إلى ألفونسو ملك قشتالة يستغيث به، وبعث بنفس الصريخ إلى المستعين بن هود صاحب سرقسطة، وخصيم المنذر، وكان المستعين يتوق إلى افتتاح بلنسية، ويشعر دائماً بالأسف والألم لفشل محاولة