الأندلس، أصحاب شنتمرية الشرق، وألبونت، ولاردة، وطرطوشة، أن يجمعوا الجند للسير إلى استنقاذ بلنسية. وعبرت الجند المرابطية إلى الجزيرة في سبتمبر سنة ١٠٩٤ م، أعني لثلاثة أشهر فقط من سقوط بلنسية، واجتمعت الحشود الأندلسية، وسارت القوات المتحدة صوب بلنسية، فوصلت إلى " كوارت " ثم إلى " مسلاته "، الواقعتين غربي بلنسية جنوبي النهر، في شهر أكتوبر (رمضان ٤٨٨ هـ)، وصلوا صلاة الفطر في مسلاته، ثم بدأ الهجوم على بلنسية.
وكانت الأنباء قد وصلت إلى بلنسية بمقدم الجيش المرابطي. فشاع الذعر بين النصارى، وأمر السيد بأن يجمع من أهل بلنسية، سائر السلاح والقطع الحديدية، وأخرج من المدينة سائر المسلمين الذين يشك في ولائهم. وتكررت هجمات المرابطين على المدينة بشدة، ولما رأى محمد بن تاشفين مناعة المدينة وصمودها الراسخ، ضرب حولها الحصار المطبق. ولم تمض أيام قلائل، حتى خرج السيد في قواته بالليل، وفاجأ المعسكر الإسلامي، وهاجمه بشدة، فأوقع فيه الاضطراب والذعر، واستولى على غنائم عظيمة من الخيل والسلاح والعتاد والمؤن، وقتل من المسلمين عدد جم، ثم عاد فامتنع داخل المدينة.
واستمر الحصار طويلا. وبعث السيد إلى بيدرو الأول ملك أراجون يستصرخه للغوث، وعقدت بينهما محالفة ضد المسلمين، وكتب أيضاً إلى ألفونسو السادس. وتجددت المعارك بين المرابطين والقشتاليين في أحواز بلنسية، واستولى السيد خلالها على مربيطر، وعلى عدد آخر من الحصون. وفي يناير سنة ١٠٩٧ م وقعت بين قوات السيد وحليفه بيدرو ملك أراجون، وبين المسلمين، معركة شديدة عند جبل " مندير "، هزم فيها المسلمون، وعاد بيدرو إلى بلاده، وعاد السيد إلى بلنسية.
وفي تلك الأثناء كان جيش مرابطي قد سار من الجنوب نحو أراضي طليطلة وعاث فيها، وهزم قوات ألفونسو السادس عند " كونسويجرا "، وفي تلك الموقعة قتل دون ديجو ابن السيد الوحيد. وفي نفس الوقت سار ابن عائشة حاكم مرسية في جيش ضخم إلى أحواز قونقة، وهزم القشتاليين بقيادة ألبارهانيس ثم اخترق أراضي مملكة بلنسية حتى " الجزيرة "، وهنالك التقى بفرقة من جنود السيد، فأبادها تقريباً ولم ينج منها إلا عدد يسير فروا عائدين إلى بلنسية.