للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخلفه ولده عبد الملك وتلقب بعماد الدولة، وبايعه أهل سرقسطة على شرط أن يترك محالفة النصارى، وأم يخرجهم من جيشه، وتعهد لهم عبد الملك بتحقيق رغبتهم، ولكنه لم ينفذ وعده. وكانت الحوادث تسير عندئذ بسرعة، وحسن الطالع يؤاتي المرابطين تباعاً، ولاسيما مذ أحرزوا نصرهم الحاسم بقيادة الأمير تميم ابن يوسف بن تاشفين على جيوش قشتالة في موقعة إقليش في سنة ٥٠١ هـ (١١٠٨ م)، وهي الموقعة التي أبيدت فيها القوات القشتالية، وقتل الإنفانت الطفل سانشو ولد ألفونسو السادس من حظيته زائدة الأندلسية. ولما رأى أهل سرقسطة أن أميرهم عماد الدولة لا يستجيب إلى شروطهم بتسريح قواته من النصارى، كتبوا إلى أمير المسلمين علي بن تاشفين، وهو في مراكش، يناشدونه خلع بني هود، وتسلم سرقسطة، فاستفتى على فقهاءه، فأفتوه بوجوب تحقيق هذه الرغبة، وبعث إلى قائده محمد بن الحاج والى بلنسية، أن يسير إلى سرقسطة.

ولما علم عماد الدولة بذلك، أرسل إلى أمير المسلمين خطاباً مؤثراً يستصرخه فيه، ويذكره بما كان بين والديهما من أواصر المودة، وأنه لم يصدر منه في حقه أية إساءة، وأنه من الخير أن يترك سرقسطة على حالها حاجراً بينه وبين النصارى، فرق علي لملتمسه، وكتب إلى قائده أن يكف عنه (١). ولكن الأمر كان قد قضي عندئذ. ذلك أن عماد الدولة لما شعر بمقدم المرابطين، غادر سرقسطة في أهله وأمواله إلى حصن روطة المنيع، واستقر به ينتظر الحوادث (٢). وفي رواية أخرى أن ابن الحاج حينما زحف على سرقسطة، تأهب عبد الملك لمقاومته، واستنصر بألفونسو ملك أراجون، وأنه وقع بين الفريقين قتال هزم فيه ابن الحاج وقتل، ثم إن أهل سرقسطة أخرجوا عبد الملك، واستدعوا عامل أمير المسلمين، فاستولى على سرقسطة وذلك في أواخر سنة ٥٠٣ هـ (٣). وفي روض القرطاس أن ابن الحاج سار من بلنسية إلى سرقسطة، ودخلها في سنة ٥٠٢ هـ. وأخرج منها بني هود وملكها (٤).


(١) الحلل الموشية ص ٧٢.
(٢) راجع: Dozy: Histoire, Vol.III.p. ١٥٤
(٣) ابن الخطيب في أعمال الأعلام ص ١٧٥.
(٤) روض القرطاس ص ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>