للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ألفونسو السادس) فواطأه على منازلتها، فنزل عليها في جموع لا ترام، وجعل صاحبها يصعد ويصوب في إعمال الحيلة، وتجنيب تلك الجماعة، ورام تخذيل الأذفونش، فأرغبه في المال فأبى وأقسم ألا يبرح عنها حتى يدخلها " (١). ولكنا لم نجد في الرواية النصرانية ما يؤيد أن ملك قشتالة قام في هذا التاريخ (سنة ١٠٩٧ م - ٤٩٠ هـ) بمهاجمة سرقسطة أو حصارها.

والواقع أن المستعين أخذ يشعر من ذلك الحين بأن مصير سرقسطة، قد أضحى رهناً بخطط المرابطين وغاياتهم، ولاسيما بعد أن أصبحوا على مقربة من أراضيه، ْومن ثم فقد رأى في النهاية أن يستبقي مودتهم، وأن يستمر في التقرب منهم، والتماس عونهم وحمايتهم. وفي سبيل هذه الغاية بعث ابنه عبد الملك إلى أمير المسلمين مرة أخرى (٤٩٦ هـ)، ومعه هدية جليلة من جملتها أربعة عشر ربعاً من آنية الفضة. وكان أمير المسلمين يومئذ بقرطبة، يعد العدة لإعلان البيعة لولده على بولاية عهده. فقبل الهدية، وأمر بأن تضرب هذه الآنية الفضية قراريط مرابطية، فرقت في أطباق على رؤساء قومه ليلة عيد الأضحى، وحضر عبد الملك حفل البيعة، ثم عاد إلى سرقسطة (٢).

وشعر المستعين بشىء من الطمأنينة، واعتزم أن يخصص جهوده لمقارعة ملك أراجون ومشاريعه العدوانية، وكان بيدرو ملك أراجون قد توفي يومئذ وخلفه في الملك أخوه ألفونسو الذي عرف فيما بعد بالمحارب. وهو الذي تسميه الرواية الإسلامية " بابن رذمير ". وكان أميراً مقداماً شديد البأس، ولم يكن قد بقي من قواعد مملكة سرقسطة الهامة بعد وشقة، سوى مدينة تطيلة، فسار إليها في قواته، وخف المستعين لإنجادها. ووقعت بين الفريقين معركة شديدة عند بلد تدعى بلتيرة (فالتيرا)، فهزم المسلمون، وقتل المستعين، وذلك في رجب سنة ٥٠٣ هـ (يناير سنة ١١١٠ م) (٣).


(١) هذا ما ورد في الأوراق المخطوطة من البيان المغرب التي سبقت الإشارة إليها.
(٢) ابن الأبار في الحلة السيراء (دوزي) ص ٢٢٥، والقاهرة ج ٢ ص ٢٤٩، وأعمال الأعلام ص ١٧٤.
(٣) تاريخ المرابطين والموحدين لأشباخ ص ١٤٠؛ وكذلك P.y Vives: Los Reyes. de Taifas p. ٤٩. ويورد ابن الخطيب هذه الواقعة بصورة أخرى فيقول لنا إن المستعين خرج إلى الجهاد في سنة ٥٠١ هـ، وتوغل حتى تطيلة وأرنيط (أرنيدو) وافتتحها، ثم أدركه النصارى عند العودة وهاجموه بشدة، فهزم وقتل (أعمال الأعلام ص ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>