بطليوس، واستولت الجنود المرابطية كذلك على مرسية، وأوريولة، كل ذلك فيما بين سنتي ٤٨٤ و ٤٨٨ هـ. وفي أثناء ذلك كان المنذر بن هود صاحب لاردة ودانية، قد توفي في سنة ٤٨٣ هـ (١٠٩٠ م)، وخلفه في الملك ولده الطفل سليمان الملقب بسعد الدولة، تحت وصاية بني بيطر وهي أسرة قوية ذات نفوذ. وفي سنة ٤٨٥ هـ (١٠٩٢ م) سار جيش مرابطي بقيادة الأمير ابن عائشة، واستولى على دانية، وشاطبة وشقورة. والظاهر أنه استولى أيضاً على طرطوشة ولاردة بعد ذلك بقليل.
وهنا شعر المستعين بخطر المرابطين الداهم على مملكته، فاتجه إلى حليفه القديم السيد إلكمبيادور، واستغاث به، وكان السيد قد غدا يومئذ قوة يحسب حسابها في شرقي الأندلس، وأضحى من جانبه يشعر بنفس الخطر. أي خطر المرابطين على مركزه في تلك المنطقة. فاستجاب إلى دعوة المستعين، وعقد بينهما حلف جديد، وسار السيد بقواته إلى سرقسطة، وعسكر على ضفة النهر الأخرى، وهنالك عقد حلفاً آخر مع ملكي أراجون ونافار. وكان الغرض من عقد هذه المحالفات كلها، التعاون لدفع خطر المرابطين عن هذا الركن من شبه الجزيرة.
ونحن نعرف أن السيد قد عاد بعد ذلك إلى الجنوب، واستمر في مغامراته في منطقة بلنسية، حتى تم له الاستيلاء عليها في جمادى الأولى سنة ٤٨٧ هـ (يونيه ١٠٩٤ م)، وأن الجيوش المرابطية لبثت تتحين الفرص لاسترداد هذا الثغر الإسلامي العظيم، حتى تم لها تحقيق مشروعها، ودخلت بلنسية بقيادة الأمير أبى محمد المزدلي في شعبان سنة ٤٩٥ هـ (مايو سنة ١١٠٢ م).
وكانت حوادث الشمال قد تطورت في تلك الأثناء، وظهرت نيات سانشو راميرز ملك أراجون واضحة نحو القضاء على مملكة سرقسطة، وبدأ حصاره لمدينة وشقة، وكان المستعين من جهة أخرى قد أدرك أنه لا يستطيع الاعتماد على محالفة السيد وعونه، ولاسيما بعد استيلائه على بلنسية، وانشغاله بالمحافظة عليها، والدفاع عنها، فاتجه إلى المرابطين، وبعث ولده عبد الملك إلى المغرب يطلب العون من أمير المسلمين، حسبما فصلنا من قبل. وقد رأينا كيف هزم المستعين وسقطت وشقة بالرغم مما تلقاه المستعين من عون حلفائه.
يقول ابن عذارى، إنه على أثر سقوط مدينة وشقة " سما بصر العدو إلى منازلة سرقسطة، حضرة ابن هود، فخاطب الطاغية، أذفونش بن فرذلند