للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم:

[الأبرص أبو حارث بن الأبرص [١]]

والحارث الذي يقول:

أتعجب من شواري بنت عمرو ... وما أنا في تآسيهم بغمر [٢]


[١] الأبرص. والد الحارث بن الأبرص بن ربيعة بن عامر بن عقيل، من رؤساء بني عامر.
وكان يوم جبلة من أعنف أيام العرب وأشدها، وكان لبني عامر على تميم، فلما تحققت الهزيمة خرجت بنو عامر وحلفاؤها في آثار القوم يقتلون ويأسرون ويسبون، وانطلق قيس بن المنتفق ابن عامر بن عقيل- وهو ابن عم الحارث بن الأبرص- ليأسر عمرو بن عمرو بن عدس قائد تميم، فأسره، وحينئذ أقبل الحارث بن الأبرص ورآه عمرو مقبلا فقال لقيس آسره: إن أدركني الحارث قتلني وبذلك يفوتك ما تلتمس عندي من فداء، فهل أنت محسن إلىّ وإلى نفسك تجزّ ناصيتي وتجعلها في كنانتك، ولك العهد لأفينّ لك. ففعل وأطلقه وأدركهما الحارث وهو ينادي قيسا: اقتل اقتل! ولا من مجيب. وانطلق قائد تميم إلى قومه فلما كان في الشهر الحرام خرج قيس بن المنتفق إلى عمرو يستنجزه الوعد؛ وتبعه الحارث أيضا فلما قدما على عمرو أمر عمرو ابنة أخته أمية بنت زيد بن عمرو فقال: أضربي على قيس الذي أنعم على عمّك هذه القبة، وقد كان الحارث قتل أباها زيدا يوم جبلة. فنظرت الفتاة فرأت الحارث أحياهما وأجملهما، فظنته قيسا فضربت عليه القبة وهي تقول: هذا والله رجل لم يطّلع عليه الدهر بمثل ما اطّلع به علي؛ فلما رجعت إلى عمها عمرو قال: يا ابنة أخي، على من ضربت القبة؟ فنعتت له نعت الحارث فقال: ضربتها والله علي رجل قتل أباك وأمر بقتل عمّك؟ فجزعت مما قال لها عمها. ثم إن عمرا قال: يا حار، ما الذي جاء بك؟ فو الله مالك عندي نعمة، ولقد كنت سيء الرأي فيّ، وقتلت أخي، وأمرت بقتلي: فقال الحارث: بل كففت، ولو شئت إذ أدركتك لقتلتك. قال: مالك عندي من يد! ثم تذمّم فيه فأعطاه مائة من الإبل، ثم انطلق الحارث وذهب، فلما جاء قيس عمرا أعطاه إبلا كثيرة، فخرج بها، ثم تنازع الأخوان وهمّ أحدهما بالآخر، واستولى الحارث علي ما كان مع أخيه، ثم تصالحا وردّ الحارث ما اغتصبه من أخيه.
الأغاني ١٠: ٤١- ٤٢، والنقائض ٤٠٩، ٦٧١- ٦٧٢.
[٢] الشوار، بالفتح: الهيئة. وكان الحارث فيما ذكروا دميما سيء المنظر. وفي الأصل: «العجب من سراري» ، والوجه ما أثبت. وفي النقائض ٤٠٩: «تعجّب من شواري» . وأم عمرو، لعله كنية أمية بنت زيد بن عمرو السالفة الذكر. وفي النقائض: «بنت عمرو» فيكون قد نسبها إلى جدها. والتآسي: التعامل بالعدل والسوية. والغمر، بالضم: الذي لم يجرب الأمور. وفي النقائض: «في تأسينا» . وأول هذه الأبيات في النقائض ٦٧٢، والأغاني

<<  <   >  >>