للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأيّام إلّا رفعة، والحالات إلّا رياسة، وإن كانت هذه الخصال قد كانت فيه وكانت معلومة معروفة، لم تنقص من قدره عروة، ولا فسخت من معاقد رياسته عقدة، فيعلم الطّاعن عليه أنّه إنّما يريد أن يطمس عين الشّمس، ويردّ هبوب الريح.

كان أبين النّاس في كلّ حال، وأخطبهم في يوم حفل وتصنّع [١] ، وفي يوم أنس واسترسال. وهو صاحب الرّاية بخراسان، وقد انغمس في حومة الحرب ثلاث مرّات [٢] وهو يقول:

إنّ على كلّ رئيس حقّا ... أن يخضب الصّعدة أو تندقّا [٣]

وسار تحت لوائه الأقرع بن حابس، وكان واليه على الجوزجان [٤] ، ومشي في جنازته مصعب بن الزّبير بغير حذاء ولا رداء، مع علمه بما قال الناس في شأنه وشأن ابن جرموز. وكان مع ذلك لا يرى الحكمين. وهو الذي قال لرسول قطريّ ولرائده وبغيّته [٥] ، والمبلّغ


[١] المراد بالتصنع هنا الاحتفال والظهور بأحسن مظهر بين الناس.
[٢] انظر تفصيل ذلك في تاريخ الطبري ٤: ١٦٨- ١٧٠، وعيون الاخبار ١: ١٧٤.
[٣] الشطران في اللسان (صعد) . والصعدة: القناة المستوية. وخضاب القناة: أن يطعن بها فيسيل الدم عليها. تندق: تنكسر. وبعد الشطرين في الطبري:
إنّ لنا شيخا بها ملقّى ... سيف أبي حفص الذي تبقّى
وقد تمثل بالشطرين الأولين بشر بن مروان كما في الطبري ٥: ٥٣٩ في وقعة مرج راهط.
[٤] الجوزجان: كورة واسعة من كور بلخ بخراسان. وكان الأحنف قد أوقع بالعدو بطخارستان، فسارت طائفة منهم إلى الجوزجان، فوجه الأحنف إليهم الأقرع بن حابس فاقتتلوا بالجوزجان، فقتل من المسلمين طائفة، ثم انهزم العدوّ وتمّ فتح الجوزجان عنوة في سنة ٣٢.
انظر معجم البلدان والطبري في حوادث سنة ٣٢ في الجزء الرابع ٣٠٩- ٣١٢.
[٥] البغيّة: الطليعة، يقال جاءت بغيّة القوم وشيّغتهم، أي طليعتهم. اللسان-

<<  <   >  >>