للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبدو أن يوسف -عليه السلام- كان يباشر الدعوة داخل السجن ويطبقها عمليا؛ ولذلك رأينا تحول المجتمع إلى دين يوسف عليه السلام, يدل على ذلك قول امرأة العزيز قبيل خروج يوسف من السجن، كما حكاه الله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ، وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١.

إنها تصور الله بصفاته، فهو الذي يهدي، وهو الرحمن، وهو الغفور الرحيم, وكل هذه صفات يقر بها المؤمنون بالله.

وبعد أن عرض على أصحابه دعوته، عبر لهما الرؤيا، ودلّهما على ما تشير إليه، وهي أن من رأى نفسه يعصر خمرا، فسوف يخرج من السجن، ويعود إلى سيده ليسقيه خمرا كما كان، وأما الثاني فسوف يعاقب بالصلب، ويترك حتى تأكل الطير من رأسه، ورغبة في الخروج من السجن, قال يوسف للفتى الذي ظن أنه ناجٍ من الموت: اذكرني عند الملك، وحدثه عن براءتي، عسى أن يتذكر، ويصدر قرارا بالإفراج عني ... لكن الملك لم يتذكر، والفتى الناجي لم يذكر، فلبث يوسف في السجن بضع سنين، قال تعالى: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} ٢.

ولما أراد الله إخراج يوسف من السجن أجرى الحوادث نحو مراده -سبحانه وتعالى- بحكمة ودقة، فرأى الملك رؤيا فزع منها، رأى: {سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} ٣, وطلب من


١ سورة يوسف الآيات: ٥٢, ٥٣.
٢ سورة يوسف آية: ٤٢.
٣ سورة يوسف آية: ٤٣.

<<  <   >  >>