للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزرائه، وأولي الأمر عنده أن يفسروا له ما رأى، فردوا عليه بأن ما رأى ليس حلما، وإنما أخلاط في الدم، وأغاليط يراها النائم انعكاسا لظروف نفسية وحياتية؛ ولذلك فليس لها معنى تدل عليه، إنها أضغاث أحلام.

هنا يتذكر ساقي الملك الذي نجا، وخرج من السجن، يتذكر صاحبه يوسف، وما عرف به من قدرة على التأويل، وعلم بالتعبير، فيخبر الملك بتمكنه من تعبير هذه الرؤيا؛ لأنه يعرف رجلا في السجن عنده علم بالتعبير، هو يوسف، قال لهم الساقي: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} ١، فأعدوا له العدة، وأرسلوه إلى يوسف في سجنه، وسهلوا له مقابلته، وجاء الساقي إلى يوسف وطلب منه متلطفا وقال: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} ٢، ناداه باسمه العلم، وبالصفة التي عرف بها بين كل من عامله، وهي الصدق، وطلب تعبير رؤيا الملك، وقصها عليه بالتفصيل، ففسرها له يوسف -عليه السلام- وعرفه أن البقرات السبع السمان، والسنبلات السبع الخضر، عبارة عن سبع سنوات متصلة يعملون فيها بجد واجتهاد، ويرزقون خلالها ثمرا طيبا، وقمحا وفيرا، وعليهم أن يأخذوا ما يكفيهم، ويدخروا الباقي في سنبله حتى لا يصاب بالسوس؛ لينفعهم خلال سبع سنوات تعقب السبع الأولى، حيث فيها تجدب الأرض وينقطع المطر، ويشتد الأمر على الناس, فيأكلون مما ادخرتم لهم في السنوات السبع الأولى.

وبعد ذلك تأتي سنة يعم خيرها، ويتنوع ثمرها، ويفيض ماؤها، ويكثر نتاج الزرع والضرع، ويعودون خلالها إلى ما كانوا يعصرون من قبل، لكن الأمر يحتاج إلى تعامل دقيق، ورعاية حكيمة، طوال هذه المدة.


١ سورة يوسف آية: ٤٥.
٢ سورة يوسف آية: ٤٦.

<<  <   >  >>