للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء في الظلال: "وهو سؤال يهجم على الفطرة في أعماقها، ويهزها هزا شديدا. إن الفطرة تعرف لها إلها واحدا، ففيم إذن تعدد الأرباب؟ إن الذي يستحق أن يكون ربا يعبد هو الله الواحد، ومتى توحد الإله فواجب أن يتوحد الرب.... وما يجوز لحظة واحدة أن يعرف الناس أن الله واحد، ثم يدينوا لغيره، ويتخذوه ربا من دون الله"١.

وبعدها ينتقل يوسف خطوة أخرى، فيتجه إلى بيان بطلان دين الناس، من ناحية أن آلهتهم التي يعبدونها صنعوها بأيديهم، وسموها بآلهة بزعمهم، وليس لها من دليل وبرهان ...

وأخيرا يصل إلى مبتغاه، مناديا بدعوته قائلا: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ...

وهكذا تدرج يوسف -عليه السلام- في دعوة صاحبيه، ووصل إلى عرض دعوته في نهاية المطاف، ثم فسر لهما ما رأيا.

ومرة أخرى ...

نرى يوسف -عليه السلام- مع إخوته, لقد التقى بهم ثلاث مرات، في المرة الأولى تحدث معهم وعرفهم، واشترط عليهم إحضار أخيهم ليمتاروا بعد ذلك، وفي المرة الثانية حضر أخوه فعرفه بنفسه، وتحايل لإبقائه معه، وفي المرة الثالثة عرفهم بنفسه وأعطاهم قميصه، وبعد ذلك جاءوه بقومهم أجمعين.

إنه تدرج معهم منعا للمفاجأة، وإظهارا لحقيقة النفوس، وحتى يكون مجيئهم جميعا لمصر مقبولا، ومن الجائز ألا يتحقق له ما أراد لو أعلنه لهم أول مرة.


١ في ظلال القرآن ج١٢ ص٢٢٥, ٢٢٦ ط. دار العربية.

<<  <   >  >>