للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للعمل، وللزراعة، وسلك فيها طرقا للحركة والتنقل، وأنزل من السماء مطرا للسقي والزرع، وأخرج من الأرض نباتات متنوعة للحب، والفاكهة، والزينة، والرعي؛ ليتمتع الإنسان، والطير، والحيوان، وكل دواب الأرض بها، وجعل سبحانه من ذلك آيات، وبراهين تدل عليه، وهي أدلة يدركها صاحب العقل السليم.

وهذه الأرض التي أكرمنا الله بها، وأفاض علينا بنعمه من خلالها، هي المادة التي خرج منها الإنسان، وإليها يعود حين الموت، ومنها يخرج يوم البعث.

إن هذه الآيات تدور حول الإنسان في وجوده وعدمه، وحول الكون القريب من الإنسان، من زرع، وماء، وأرض، وحياة، كما أنها تذكر الإنسان بحركته في هذا الكون، فقد خلقه الله لتعميره، وسوف يسأله عن مسئوليته يوم يبعثه, ويخرجه من الطين مرة أخرى.

ومن فطنة موسى -عليه السلام- أنه أتى بالآيات والبراهين، التي يعتز بها فرعون، فهو فخور بملكية أرض مصر بأنهارها، وزرعها، وثمرها، ويجعل ذلك سبيله لادعاء الألوهية.... يأتي موسى -عليه السلام- إلى هذه الآيات، ويوضح الخالق الحقيقي لها، ويبين أنه الله رب العالمين، وليس لفرعون منها إلا الملكية الصورية، والتحكم الظالم، أما المُوجِد لها فهو الله تعالى، فهو الذي خلق وأوجد، وحقه أن يعبد وحده، وهو الله الواحد لا شريك له أبدا.

لم يتمكن فرعون من مواجهة حجج موسى -عليه السلام- بالحوار والمناقشة، وإنما اتجه إلى إثارة الناس ضد موسى، قال لهم: {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ} ١, {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ، أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ}


١ سورة الشعراء آية: ٢٥.

<<  <   >  >>