للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ، فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} ١.

وفي حديث فرعون نرى لجوءه إلى الإثارة، والتحريض، وتوجيه الرأي العام ضد دعوة موسى، وأخذ يبثّ في الناس ضلاله وأكاذيبه، بصورة مثيرة، على شكل أسئلة تحريضية ضد موسى ودعوته، ومن أسئلته:

ألا تستمعون لأكاذيب موسى وهو ينكر ألوهيتي، ويثبتها لربه؟!

وأليس لي ملك مصر أتحكم في أرضها، ومائها، وسكانها؟!

وأينا أفضل: أنا بما أملك، أم موسى الفقير الذي لا يملك شيئا؟!

وهل صورة موسى تصلح للرسالة, وفي لسانه حبسة؟

وهل يتصور أن إله موسى يملك كل شيء، ويتركه فقيرا؟! لِمَ لم يمده بالذهب, أو يرسل معه الملائكة تساعده؟!

إن هذه الأسئلة مفهومة من الآيات، قصد فرعون بها صرف الناس عن سماع دعوة موسى وهارون عليهما السلام.

ويلاحظ أن فرعون ألقى أسئلته في جمع من قومه إثارة لهم؛ لأن العقل الجمعي سريع الانفعال، يستجيب بطريقة تلقائية وسريعة للمثيرات العاطفية ... ولذلك تعد مخاطبة الجماهير لأول مرة بصورة جماعية، في القضايا الكبرى, لونا من ألوان العبث والاستخفاف بالعقول، ولذلك قال الله عن فرعون في القرآن الكريم: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} .

وسار الجمهور خلف فرعون بعدما استثارهم، وأخذ في الاستماع إلى حديثه وكلامه عن موسى

-عليه السلام-


١ سورة الزخرف الآيات: ٥١-٥٤.

<<  <   >  >>