للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال الرجل: إنك لن تصبر لعدم إحاطتك بما أعلم.

قال له: ستجدني إن شاء الله صابرا، ومطيعا ... فقال الخضر: إن أردت أن تتعلم فاتبعني، ولا تسأل عن شيء أبدا، حتى أعرفك بخبره، واتفقا على ذلك ... يقول الله تعالى موضحا هذا الحوار، وهذا الاتفاق: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا، قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا، قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا، قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا، قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} ١.

ويلاحظ أن الله عرّف موسى أن هناك من هو أعلم منه، وأن الرجل الأعلم يقر بأن علمه من الله، وأنه إن عرف شيئا فهو يجهل أشياء، وأن الإنسان متصف بالعجز والقصور، والعلم كله لله.

وتبين الآيات أن هذا الرجل متصف بالعبودية الخالصة لله، وأن الله أكرمه وأمده بالنعم، وأعطاه علما لدنيا من عنده سبحانه.

ويستفيد موسى من تعليم الله، ويقر للرجل بالتبعية ليتعلم منه، ويشترط عليه الرجل، ويحدد له كيفية التلقي، وعدم الاعتراض، وعدم السؤال عن أي جانب لا يفهمه بعقله؛ لأن العقل له منهجه، وطاقته في الفهم، ويوافق موسى على شروط الرجل، ويعلق قبوله بالمشيئة الإلهية؛ لأن الله إذا أراد شيئا قال له كن فيكون.


١ سورة الكهف الآيات: ٦٢-٧٠.

<<  <   >  >>