للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغلمان مخلَّدون، وحياة متجددة، ومقام جميل، تحيطه الخضرة، وتمر تحته الأنهار ... إن المؤمن في الآخرة يعيش سعادة أبدية، تحيط النعم به من كل جانب، يلمس فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، يقول الله تعالى مشيرا إلى نعيم الآخرة: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ١.

هذا التصوير الصحيح للدنيا والآخرة، لو صدق به إنسان ما، تصديقا يقينيا لاعتدل عمله، وسلوكه، وخلقه على منهج الله، مالك الدنيا والآخرة.

والعاقل يتساءل: ولِمَ لا يؤمن الإنسان بهذه الحقائق, والدنيا أمامه تجربة ماثلة، يشاهد من خلالها الصورة التي ذكرها القرآن الكريم؟

ويعد صدق القرآن الكريم في تصوير الحياة الدنيا، دليلا على صدق تصويره للآخرة، وبخاصة أن الموت حق، والكل يموت حين مجيء أجله.

ومعجزات الرسول -صلى الله عليه وسلم- شاهدة على صدقه في كل ما أخبر عنه، ومنها حقيقة الآخرة، فهي الخير, وهي السعادة، وهي أمل المؤمنين، يقول الله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ٢، ويقول سبحانه: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} ٣.

هذه الحقائق لم يصدق بها قارون، فاستغرقته الحياة الدنيا، واغتر بنفسه وماله، وظل على كفره حتى أغرقه الله تعالى.


١ سورة البقرة آية: ٢٥.
٢ سورة العنكبوت آية: ٦٤.
٣ سورة الضحى آية: ٤.

<<  <   >  >>