رد عليهم النبي وهو يعرف طبائعهم: ألا تتوقعون أن تقعدوا عن الجهاد إذا فرض عليكم وأنتم الذين طلبتموه, وتحمستم له؟!
فأجابوه بأن مصلحتهم في الجهاد, وأن القعود عنه هوان وذل، ولا بد لهم منه بعدما أخرجوا من ديارهم وأموالهم، وأكدوا عزمهم وإصرارهم، فلما فرض عليهم نكصوا، ورجعوا إلا قليلا منهم.
اختار الله لهم رجلا, يتمتع بالعلم الواسع، والقوة البدنية، هو طالوت، فلما علموا به اعترضوا لسببين:
الأول: فقر طالوت؛ لأنه معروف بينهم بقلة المال، ورأوا أن هذا يصرف الأغنياء عن الاشتراك في القتال تحت قيادة طالوت.
الثاني: أنه رجل من العامة، فليس هو من سلالة الملوك، أو من سلالة الأنبياء، وتصوروا أنه بذلك لا يصح أن يكون ملكا مطاعا، فأخبرهم نبيهم أن ذلك اختيار الله العليم بكل شيء، الحكيم, القادر، والخير كله في اختيار الله تعالى، وقد رزق الله طالوت بسطة في العلم والجسم، ومشيئة الله نافذة لا يصح معارضتها، يقول الله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ