ولا مادة في تكونها يكدر صفاءها، فناسب ذلك أن تتلقى من الله، وتتصل بالملأ الأعلى ...
في الرد عليهم: نقول إن تفضيل الملائكة على البشر أتى من خطأين:
أولاهما: قولهم إن المبدع من لا شيء أشرف من المخترع من شيء، قول باطل؛ لأن الإنسان من حيث الروح مبدع بأمر الله تعالى، ويستوي في ذلك مع الملائكة، ومن حيث الجسد مخترع بخلق الله وقدرته، فزاد بذلك عن الملائكة وبخاصة إذا أدى الجسد إلى كمال الروح، وطهارتها، وكان خادما لها، مطيعا لتوجيهاتها.
ثانيهما: عقد المقارنة بين الروحاني، والمادي فيها قصور، وإنما المقارنة الصحيحة تكون بين الروحاني المجرد، والجسماني الروحاني المجتمع، وحينئذ يفضل الإنسان الملائكة لأن الجسد حينئذ تجميل وتحسين للروح.