ولا يقدر على ذلك إلا إنسان، كملت روحه، وتحولت جوارحه إلى طاعة مطلقة لهذه الروح لتترقى.
وإذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة أمده الله بالوحي، وسهل له الاتصال بالملأ الأعلى عن طريق روحه السامية.
وفي نفس الوقت يتصل بالناس، عن طريق جانبه المادي، البشري ... وليس للملائكة شيء من هذا.
إن الإنسان يتعامل مع أخيه الإنسان، ويلتقي معه بحواسه وعقله، عملا، وفكرا ومودة.... وفي نفس الوقت يخاف من المخلوقات الغائبة، والمتخيلة، والهائمة وبذلك كان الخير للإنسان أن يتلقى من أخيه الإنسان ...
وقد أجرى الله مشيئته في إرسال الرسل على طبيعة الشر، حيث اختارهم من أرقى الناس عنصرا، وأفضلهم خلقا، وأحسنهم طاعة، وتوكلا، وأمدهم بالوحي مشتملا على منهج الله لإصلاح الناس، فيحفظون، ويبلغون، ويناقشون، ويتابعون.
يقول الشهرستاني:"ثبت أن الباري سبحانه وتعالى: خالق الخلائق، ورازق العباد، وأنه المالك الذي له الملك، والمالك يكون له على عباده أمر، وتصريف.... وذلك أن حركات العباد قد انقسمت إلى اختيارية، وغير اختيارية، فما كان منها باختيار من جهتهم، فيجب أن يكون للمالك فيها: حكم، وأمر، وما كان منها بلا اختيار، فيجب أن يكون له فيها: تصريف، وتقدير ومن المعلوم: أن ليس كل أحد يعرف حكم الباري تعالى، وأمره، فلا بد إذن من واحد يستأثره بتعريف حكمه وأمره في عباده، وذلك الواحد يجب أن يكون من جنس البشر، حتى يعرفهم أحكامه وأوامره ويجب أن يكون مخصوصا من عند الله عز وجل بآيات خلقية هي حركات "تصريفية" و"تقديرية" يجريها الله على يده عند التحدي بما يدعيه، تدل تلك الآيات على صدقه، نازلة منزلة التصديق بالقول المؤكد، وإذا ثبت صدقه، وجب اتباعه في جميع