وتثبت النبوة للبشر، انطلاقا من حاجة الناس إلى اجتماع، في إطار منهج ونظام، فلو أخذ الإنسان نظامه من إنسان آخر فقد ضيع نفسه، وإن أخذه من الله فكيف السبيل إليه؟! إذا لم تكن عن طريق نبوة البشر!!
ومن هنا وجب أن يكون في الناس شارع يبين شرع الله، وأحكامه في العقائد والمعاملات.... وهذا الاحتياج ضروري للناس، ويجب أن يكون القائم بتبليغ منهج الله من الناس ومعهم، بحيث تكون نسبته للناس كنسبة المعطي للسائل، والطبيب للمريض، وذلك القائم بالتبليغ هم الأنبياء، بما اتصفوا به من كمالات، تمكنهم من الإحاطة بعلوم، لا يقدر عليها الملائكة، وتجعلهم قادرين على تعليم الناس تعليما لا يقدر عليه الملائكة أيضا.
وقالوا -رابعا- وإذا كانت الرسالة لبشر، فلم لا يكون غنيا، وله عصبة من الناس، ومعينون من الملائكة.
والرد عليهم: إن النبوة اختيار إلهي محض، وهو سبحانه، خالق الخلق، ومقسم الأرزاق، وله في اختيار النبي من البشر حكمة، وهو معه بالمعونة، والتأييد، والنصر، فليس للنبي حاجة في مال، أو عصبة بشرية، أو قوى ملائكية، ويكفي أن الله معه.
ومن حكمه الله أن اختار رسله من عامة الناس، حتى لا يتهمهم أحد، بأنهم يسعون للمحافظة على مواريث أبائهم، وأجدادهم، وحتى لا يقول أحد إنهم يعتمدون على قوة غير قدرة الله تعالى.
هذا.... وقد سلك الأنبياء في إثبات رسالتهم لأقوامهم عدة طرق، من أهمها:
الطريق الأول: بينوا للناس صلاحيتهم للرسالة، بطريقة عملية فها هم يبلغونهم بوحي الله تعالى الذي جاءهم، ويناقشونهم، ويوضحون لهم جوانب الدين