للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الطريق قوي في دلالته؛ لأن الإنسان إن سلم لغيره بقضية، فمن السهل أن يقتنع بها لنفسه.

الطريق الرابع: بيان أن النبوة عطاء إلهي ...

أثبت الرسل لأقواهم أن اختيار الله لهم، فضل ورحمة، ونعمة يعتزون بها وليس لغيرهم الاعتراض عليها، ومن هذا ما قاله نوح لقومه: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ} ١، وما قاله صالح لقومه: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} ٢، وما قاله شعيب لقومه: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} ٣، والمراد بالرزق الحسن، والرحمة المؤتاه هي النبوة التي بعثوا بها وعارضهم الناس فيها.

وهكذا أثبت الرسل رسالتهم بطريقة واقعية؛ لأنهم أعادوا القوم إلى التاريخ المنظور، والمعروف ليتدبروا فيه، ويعتبروا به، ويصدقوا بالرسالة بعد ذلك فإن كذبوا بعد ذلك فهو تكذيب بكل الرسالات، وإن صدقوا فهو إيمان بجميعها.

وهكذا:

أثبت رسالتهم لأقوامهم، وردوا شبههم، واعتراضاتهم، لكي يؤمنوا بالرسالة التي تعد ركنا رئيسيا في الإيمان.


١ سورة هود آية "٢٨".
٢ سورة هود آية "٦٣".
٣ سورة هود آية "٨٨".

<<  <   >  >>