للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ربه أن يهلك الكافرين، قال تعالى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} ١.

وعلل عليه السلام طلب إهلاكهم بأنهم يعملون على إضلال العباد، ونشر الفساد في الأرض، وأيضا فإن كفرهم وعتوهم ينتقل بالوراثة إلى بنيهم، فلا يلدون إلا فاجرا كفارا.

أمر الله نوحا بصنع سفينة، فأخذ في صناعتها، وترك دعوة القوم، فكان الناس يمرون عليه ويستهزئون به, ويقولون: هذا الذي كان يزعم أنه نبي صار نجارا، وينادونه بصنعته الجديدة، ويتعجبون منه وهو يصنع سفينة على اليابسة، ولم يأبه باستهزائهم وتعجبهم، واستمر في طاعة الله تعالى.

يقول عكرمة والزهري: {التَّنُّورُ} : وجه الأرض؛ وذلك أنه قيل لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء قد فار على وجه الأرض، فاعلم أن مصير الكفار قد اقترب، وافعل ما تُؤمَر به، فتنجُ ومن آمن معك، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ، وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} ٢.

وأمر الله تعالى السماء بإنزال المطر، وأمر الأرض بتفجير العيون، فنَفَّذَا ما أُمرا به، قال تعالى: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} ٣، وامتلأت الأرض بالماء، وعلا الطوفان حتى


١ سورة نوح الآيات: ٢٦, ٢٧.
٢ سورة هود الآيات: ٤٠, ٤١.
٣ سورة القمر الآيات: ١١, ١٢.

<<  <   >  >>