للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حينمَا جاءَتِ الجدَّةُ إلى أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنه- تلتمسُ ميراثَهَا، فقالَ: ما أجدُ في كتابِ اللهِ شيئاً، وما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ذكرَ لكِ شيئَاً. ثمَّ سألَ النَّاسَ، فقامَ المغيرةُ، فقالَ: حضرتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يعطيهَا السُّدُسَ. فقالَ لهُ: هلْ معكَ أحدٌ؟ فشهدَ محمدُ بنُ مَسْلَمَةَ مثلَ ذلكَ، فأنفذَهُ لهَا أبو بكرٍ -رضي الله عنه- (١).

قالَ الحاكمُ «ت ٤٠٥ هـ»: «أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- أَوَّلُ مَنْ وَقَى الكَذِبَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-» (٢).

وقالَ الذَّهبيُّ «ت ٧٤٨ هـ»: «فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَوَّلَ مَنِ احْتَاطَ فِي قَبُولِ الأَخْبَارِ» (٣).

وقالَ أيضاً: «إِلَيهِ المُنْتَهَى فِي التَّحَرِّي وَالقَبُولِ» (٤).

قالَ الأعظميُّ: «وَهُوَ الذِي دَلَّنَا عَلَى أَهَمِّ قَاعِدَةٍ لِلنَّقْدِ وَالتَّدْقِيقِ، وَهِيَ المُقَارَنَةُ بَينَ الرِّوَايَاتِ» (٥).

وقدْ مضى عمرُ -رضي الله عنه- على المنهَجِ ذاتِهِ في مُقابلَةِ المرويَّاتِ ومعارضتِهَا ببعضٍ لغرضِ التثبُّتِ، ومنْ ذلكَ حينمَا جاءَ أبو موسىَ الأشعريُّ -رضي الله عنه- إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ -رضي الله عنه-، فاستأذَنَ ثلاثَاً، ثمَّ رجَعَ، فأرسَلَ عمرُ -رضي الله عنه- في أَثَرِهِ. فقالَ: مالَكَ لمْ تدخُلْ؟ فقالَ أبو موسى: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: الاستئذانُ


(١) سنن النسائي الكبرى - ذكر الجدات والأجداد ومقادير نصيبهم - ر ٦٣٤٠.
(٢) المدخل إلى كتاب الإكليل للحاكم ١/ ٧٠.
(٣) تذكرة الحفاظ ١/ ٢.
(٤) المصدر ذاته ١/ ٥.
(٥) منهج النقد - د. محمد مصطفى الأعظمي ص ١١.

<<  <   >  >>