للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثلاثٌ، فإنْ أُذِنَ لكَ فادخُلْ، وإلا فارجِعْ، فقالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: «وَمَنْ يَعْلَمُ هَذَا؟ لَئِنْ لَمْ تَاتِنِي بِمَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَجَ أَبُو مُوسَى حَتَّى جَاءَ بِأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- فَشَهِدَ مَعَهُ»، فقالَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ -رضي الله عنه- لأبي موسَى: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ، وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-» (١).

قالَ ابنُ حبَّانَ «ت ٣٥٤ هـ»: «إِنَّ عُمَرَ وَعَلِيَاً أَوَّلَ مَنْ فَتَّشَا عَنِ الرِّجَالِ في الرِّوَايةِ، وَبَحَثَا عَنِ النَّقْلِ فِي الأَخْبَارِ، ثُمَّ تَبِعَهُمْ نَاسٌ عَلَى ذَلِكَ» (٢). ويُحملُ قولُ ابنُ حبَّانَ على أنَّهمَا أوَّلُ منْ وسَّعَ التَّثبُّتَ والتَّحرِّيَ في الرِّواياتِ، فأبو بكرٍ -رضي الله عنه- هوَ أوَّلُ منْ قامَ بذلكَ.

وَكذلكَ ما وردَ عنِ ابنِ عُمرَ -رضي الله عنه- حينمَا روى حديثَاً مُخالفاً لفتوى ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنه-، ثمُّ قالَ لصاحبِهِ: «إِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ فَسَلْ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ عَنْ ذَلِكَ، فَانْطَلَقَ، فَسَأَلَ أَبَا سَعِيدٍ، فَقِيلَ لابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه- مَا قَالَ ابنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ، فَاسْتَغْفَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه- اللهَ -سبحانه وتعالى-، وَقَالَ: هَذَا رَايٌ رَأَيتُهُ» (٣).

وعندمَا روى أبو هريرةَ حديثَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ». فقالَ لهُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ -رضي الله عنه-: «انظُرْ مَا تُحَدِّثُ يَا أَبَا هُرَيرَةَ -رضي الله عنه- فَإِنَّكَ تُكْثِرُ الحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنه- ا فَصَدَّقَتْ أَبَا هُرَيرَةَ -رضي الله عنه-» (٤).


(١) سنن أبي داود - كتاب الأدب - باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان - ر ٥١٨٤.
(٢) المجروحين لابن حبان ١/ ٣٨.
(٣) المعجم الكبير ١/ ٧٢.
(٤) مسند ابن حنبل - ر ٩٠٠٤.

<<  <   >  >>