للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلكَ المستخرجاتُ (١): وهيَ عبارةٌ عنْ بحثٍ وتفتيشٍ لطرقٍ أخرى للأحاديثِ لتعزيزِهَا، واستكمالِ ما قدْ يُظَنُّ فيهَا منْ نقصٍ أو خللٍ.

ومنْ أئمَّةِ السَّبرِ في هذَا القرنِ:

ابنُ معينٍ «ت ٢٣٢ هـ»، وجُلُّ اعتمادِهِ في الحكمِ على الرِّجالِ هو السَّبرُ، وهوَ ما يظهرُ جليَّاً في تاريخِهِ. قالَ ابنُ عديٍّ «ت ٣٦٥ هـ» في معرِضِ دفاعِهِ عنِ ابنِ معينٍ: «وَيَحْيَى أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مِثْلُ هَذَا، لأَنَّ عَامَّةَ الرُّوَاةِ سَبَرَ لَهُ أَحْوَالَهُ» (٢).

وابنُ المدينيِّ «ت ٢٣٤ هـ»، وهوَ إمامٌ في العللِ، ولهُ مصنَّفاتٌ كثيرةٌ فيهِ، منهَا: عللُ المسندِ، والعللُ لإسماعيلَ القاضِي، وعللُ حديثِ ابنِ عُيَينَةَ، واختلافُ الحديثِ، والعللُ المفرَّقَةُ (٣).


(١) المُسْتَخْرَجُ: هو أن يروي المُستَخْرِجُ أحاديث كتاب معين بأسانيد لنفسه، فيلتقي في أثناء السند مع صاحب الكتاب الأصل في شيخه أو من فوقه، لكن لا يتوهم أنه يروى الحديث بنفس لفظ الكتاب الأصلي وإنما يرويه بحسب ما نقله إليه رجال سنده، مع احتمال أن يكون بينهما تفاوت في اللفظ، وربما كان تفاوتا في المعنى، وقد أوصل ابن حجر فوائد المستخرجات إلى عشر، ذكرها الصنعاني في التوضيح ١/ ٧١.
نذكر من هذه الفوائد: ١ - علو الإسناد. ٢ - الزيادة في قدر الصحيح. ٣ - اندفاع ما قد يُتوهَّم من النقد على إسناد الصحيح، قال ابن حجر: «وكلُّ علَّة أُعلَّ بها حديث في أحد الصحيحين جاءت رواية المستخرَجِ سالمة منه». نقل هذا القول السيوطي في تدريب الراوي ١/ ١١٦.
وقد كتب الدكتور "موفَّق بن عبد اللهِ بن عبد القادر" بحثاً بعنوان «المُسْتَخْرَجَاتُ - نَشْأَتُهَا وَتَطَوُّرُهَا»، نُشِرَ في «مجلَّة جامعة أمِّ القرى»، العدد ١٩. تطرَّق فيه إلى ستَّ عشرة فائدة من فوائد التَّخريج والمستخرجات، والتي تشترك مع فوائد السَّبر التي ستأتي في مباحث هذه الرِّسالة «إنْ شاءَ اللهُ تعالَى».
(٢) لسان الميزان ٢/ ٢٨٠.
(٣) من هذه الكتب «العلل لابن المديني». حققه محمد مصطفى الأعظمي، وهو مطبوع، وأما غيره مما ذكرناه فلم يصلنا منها شيء، وإنما ذكرها العلماء في كتبهم. انظر الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٣٠٢.

<<  <   >  >>