للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ «ت ١٩٨ هـ»، وَيحيى بنُ سعيدٍ القطَّانُ «ت ١٩٨ هـ». والنَّصُّ الذي أوردناهُ آنفاً عنْ شعبةَ بنِ الحجَّاجِ يُفيدُ إفادةً قاطعةً على استخراجِ «شعبةَ» لعللِ الحديثِ منْ خلالِ السَّبرِ، حيثُ ميَّزَ الموقوفَ من المرفوعِ، ممَّا يؤكِّدُ أوَّليَّتَهُ في هذا العلمِ الدقيقِ، وكذلكَ فقدْ ذكرَ ابنُ رجبٍ «ت ٧٩٥ هـ» أنَّ ليحيى بنِ سعيدٍ القطَّانِ «ت ١٩٨ هـ» كتاباً في العللِ (١).

* * *

رابعاً: بُلُوغُ السَّبْرِ أَوجَهُ فِي القَرْنِ الثَّالِثِ، وَتَنَوُّعُ التَّصْنِيفِ فِي الحَدِيثِ اعْتِمَادَاً عَلَيهِ:

بلغَ السَّبرُ أوجَهُ في القرنِ الثَّالثِ الهجريِّ، ويدلُّ على ذلكَ صنيعُ الأئمَّةِ المحدِّثينَ والمصنفِّينَ، كابنِ معينٍ، وابنِ المدينيِّ، وابنِ حنبلٍ، والبخاريِّ، ومسلمٍ، ويعقوبَ بنِ شيبةَ وأبي حاتمٍ، وأبي زرعةَ، والتِّرمذيِّ، والعُقيليِّ، وأبي بكرٍ البزارِ … وغيرِهِم منْ أئمَّةِ الجرحِ والتَّعديلِ، حيثُ اعتمدوا السَّبرَ في الحكمِ على الرِّجالِ ومرويَّاتِهِم، واستخراجِهِم عللَ الأحاديثِ، وهوَ ما تُرجِمَ على ألسنةِ كثيرٍ من هؤلاءِ الأئمَّةِ بياناً لأهميَّةِ السَّبر، وقدْ مرَّت أقوالُ هؤلاءِ الأئمَّةِ في السَّبرِ، سأذكرُ أقوالِهم في الهامشِ تجنُّبَاً للتَّكرَارِ.

وهذَا القرنُ هوَ قرنُ التَّأليفِ اعتمادَاً على السَّبرِ، واتخَذَ أَشكَالاً عدَّةً:

فمصنفونَ اعتمدُوا السَّبرَ في تصنيفِ الصَّحيحِ والضَّعيفِ منَ الحديثِ، كالأئمَّةِ السِّتَّةِ … وغيرهِم.

وانتشرَت الأجزاءُ الحديثيَّةُ التي تجمعُ مرويَّاتِ راوٍ بعينِهِ، أو مرويَّاتٍ في موضوعٍ مستقلٍّ، أو جمعِ طرُقِ حديثٍ واحدٍ.


(١) انظر شرح علل الترمذي ص ٥٣٣.

<<  <   >  >>