للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ ابنُ شيبَةَ «ت ٢٦٢ هـ»: «إِنَّ شُعْبَةَ كَانَ إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الحَدِيثَ مَرَّتَينِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ» (١).

ويدخلُ في هذَا أيضاً معارضةُ مرويَّاتِ الرَّاوِي بنفسِهَا، فقدْ يروِي الرَّاوِي الحديثَ فيصلُهُ تارةً ويُرسلُهُ أخرَى، أو يرفعُهُ مرَّةً ويوقفُهُ أُخرى، أو يزيدُ في إسنادِهِ مرَّةً وينقصُهُ أُخرى، ويقيمُ متنَهُ مرَّةً ومرَّة، وبالمُعَارضةِ يتبينُ اضطرابُهُ منْ عدمِهِ.

ويندرجُ تحتَ هذا النَّوعِ صورٌ أخرى، كمعارضةِ مرويَّاتِ الرَّاوي في أزمنةٍ أو أمكنةٍ مختلفةٍ، أو عنْ شيوخٍ دونَ غيرهِمْ، لمعرفةِ اختلاطِ الرَّاوِي، وضعفِهِ في شيوخٍ دونَ آخرينَ، أو في بلدٍ دونَ آخرَ، أو في زمنٍ دونَ آخرَ، وتمييزِ خطئِهِ منْ خطأِ غيرهِ، وسيأتي بسطُ الكلامِ عنْ هذهِ الصَّورِ في مبحثِ «الحكمُ على الرِّجالِ منْ خلالِ السَّبرِ» (٢).

* * *

النَّوعُ الثَّانِي: السَّبْرُ لِمَعْرِفَةِ حَالِ المَرْوِيِّ: وَيندرجُ تحتَ هذَا النوعِ صورتانِ:

١ - سَبْرُ مَرْويَّاتِ الرَّاوِي، وَمُعَارَضَتُهَا بِمَرْوِيَّاتِ الثِّقَاتِ، لِمَعْرِفَةِ اسْتِقَامَةِ حَدِيثِهِ:

وهذهِ مثلُ الصُّورةِ الأولَى منْ صورِ السَّبرِ في بيانِ حالِ الرَّاوي، إلا أنَّ الغرضَ هنَا بيانُ حالِ مرويَّاتِ الرَّاوي، فالغرضُ منْ هذهِ الصُّورةِ ثُنَائِيٌ: بيانُ حالِ الرَّاوي أولاً - وقدْ تقدَّمَ ذكرُهُ - وبيانُ حالِ مرويَّاتِ الرَّاوي من حيثُ القبولِ أوِ الرَّدِّ، وَمدى صلاحيَّتِهَا للاعتبارِ، قالَ العلائيُّ «ت ٧٦١ هـ»: «مَنْ سَبَرَ أَحْوَالَ الرَّاوِي، وَعَرَفَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُرْسِلُ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ عَدْلٍ، يُحْتَجُّ بِمُرْسَلِهِ» (٣).


(١) تاريخ بغداد ٩/ ٢٦٥.
(٢) اكتفيت بالإشارة إليها هنا تجنباً للتكرار. انظر ص
(٣) جامع التحصيل ١/ ٤٣.

<<  <   >  >>