للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ ابنُ حبَّانَ «ت ٣٥٤ هـ» في «إِسحاقَ بنِ يحيَى»: «سَبَرْتُ أَخْبَارَهُ فَإِذَا الاجْتِهَادُ أَدَّى إِلَى تَرْكِ مَا لَمْ يُتَابَعُ عَلَيهِ، وَيُحْتَجُّ بِمَا وَافَقَ الثِّقَاتِ» (١).

وقالَ ابنُ معينٍ «ت ٣٢٣ هـ»: «قَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ بنُ عُلَيَّةَ يَومَاً: كَيفَ حَدِيثِي؟ قُلْتُ: أَنْتَ مُسْتَقِيمُ الحَدِيثِ، فَقَالَ لِي: وَكَيفَ عَلِمْتُمْ ذَاكَ؟ قُلْتُ لَهُ: عَارَضْنَا بِهَا أَحَادِيثَ النَّاسِ فَرَأَينَاهَا مُسْتَقِيمَةً، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: الحَمْدُ للهِ، وَيَحْمَدُ رَبَّهُ حَتَّى دَخَلَ دَارَ بِشْرَ ابنِ مَعْرُوفٍ - أَوْ قَالَ: دَارَ أَبِي البُخْتُرِيِّ - وَأَنَا مَعَهُ» (٢). والأمثلةُ على ذلكَ كثيرةٌ، وكتبُ عللِ الحديثِ بهَا مُستفيضَةٌ.

٢ - سَبْرُ المُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ، وَمُعَارَضَتُهَا بِمَرْوِيَّاتِ الثِّقَاتِ:

والمتابعةُ: ما توبعَ عليهِ رواتُهُ ممَّنْ دونَ الصَّحابةِ لفظَاً ومعنَى.

والشَّاهدُ: ما تابعَ الصَّحابِيُّ في روايتِهِ صحابيَاً آخرَ لفظَاً أو معنَىً (٣).

وصورةُ هذا النَّوعِ: أنْ يعمدَ المحدِّثُ إلى حديثٍ فيسبرَ متابعاتِهِ، ويعارضَهَا، ليتبيَّنَ أوجُهَ الاختلافِ والاتِّفاقِ، وذلكَ:

لكشفِ عللِ الحديثِ، قالَ الخطيبُ البغداديُّ «ت ٤٦٣ هـ»: «السَّبيلُ إلى معرفَةِ علَّةِ الحديثِ أنْ يجمعَ بينَ طُرقِهِ وينظُرَ في اختلافِ رواتِهِ، ويعتبِرَ بمكانِهِم منَ الحفظِ ومنزلتِهِم في الإتقانِ والضَّبطِ» (٤).


(١) صحيح ابن حبان ٥/ ١٨٤.
(٢) سؤالات ابن محرز ٢/ ٣٩.
(٣) وسيأتي تعريف المتابعة والشاهد والفرق بينهما مستفيضاً في مبحث «تقوية الأحاديث بالمتابعات والشواهد»، وللاستزادة انظر فتح المغيث ١/ ٢٠٨ و ٢١٠، ونخبة الفكر ١/ ١٥ و ١٦، و أصول الحديث للدهلوي ١/ ٥٧.
(٤) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٩٥.

<<  <   >  >>