للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإبرازِ فوائدِهِ، قالَ ابنُ حجرٍ «٨٥٢ هـ» في الفتحِ: «المتعيِّنُ على من يتكلَّمُ على الأحاديثِ أنْ يجمعَ طرقَهَا، ثم يجمعَ ألفاظَ المتونِ إذا صحَّت الطُّرقُ ويشرَحَهَا على أنَّهُ حديثٌ واحدٌ فإنَّ الحديثَ أولَى ما فُسِّرَ بالحديثِ» (١).

وترقيةِ الحديثِ لمرتبةٍ أعلى، كالصَّحيحِ والحسنِ لغيرِهِ، وقالَ أيضاً: «فَإِنْ خَفَّ الضَّبْطُ: فَالحَسَنُ لِذَاتِهِ، وَبِكَثْرَةِ طُرُقِهِ يُصَحَّحُ» (٢).

وَقَالَ النَّووِيُّ «ت ٦٧٦ هـ» عنْ بعضِ الأحاديثِ: «وَهَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَسَانِيدٌ مُفْرَدَاتُهَا ضَعِيفَةٌ، فَمَجْمُوعُهَا يُقَوِّي بَعْضُهُ بَعْضَاً، وَيَصِيرُ الحَدِيثُ حَسَنَاً، وَيُحْتَجُّ بِهِ» (٣).

وهذهِ هيَ المرحلةُ الأولى منْ مراحلِ سبرِ الحديثِ، بجمعِ متابعاتِهِ والمقارنةِ والموازنةِ فيمَا بينهَا، لبيانِ أوجُهِ الاتِّفاقِ والاختلافِ، ومعرفَةِ درجَةِ حديثِ الصَّحابِيِّ الواحِدِ منْ خلالِ سبرِ طُرُقِهِ.

وتأتِي بعدَهَا مرحلَةُ سبرِ الشَّواهِدِ، بجمعِ الأحاديثِ المتَّفقَةِ لفظَاً أو معنَىً التي رواهَا الصَّحابَةُ، والمقارنَةِ والموازنَةِ فيمَا بينَهَا، والأئمَّةُ المحدِّثونَ لا يعتبرونَ أيَّ متابعٍ أو شاهدٍ يجدونَهُ منْ طرقِ الحديثِ، بلْ ضمنَ منهجٍ دقيقٍ، وضوابطَ محكمةٍ، سيأتِي بيانُهَا بالتَّفصيلِ - إنْ شاءَ اللهُ تعالَى - في مبحثِ «تقويةِ الأحاديثِ منْ خلالِ السَّبرِ» (٤).

وسَبْرُ المتابعاتِ وسبرُ الشَّواهِدِ يحملانِ الغرضَ ذاتَهُ في كشفِ عللِ الحديثِ، وإبرازِ فوائدِهِ، وترقيتِهِ إلى الصَّحيحِ أو الحسنِ لغيرِهِ.

* * *


(١) فتح الباري ٦/ ٤٧٥.
(٢) نخبة الفكر ١/ ٢٢٩.
(٣) المجموع ٧/ ١٧٢.
(٤) انظر ص ٢٠٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>