للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاتمُ العونيُّ (١): «الرَّاوِي الذِي اشْتَدَّ فِيهِ الاِخْتِلَافُ جَرْحَاً أَوْ تَعْدِيلَاً، يُمْكِنُ الاِسْتِفَادَةُ مِنْ سَبْرِ حَدِيثِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُكْثِرَاً أَمْ مُقِلَّاً، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ نَتِيجَةُ سَبْرِ حَدِيثِهِ القَبُولَ أَمْ الرَّدَّ فِي التَّرجِيحِ بَينَ تِلْكَ الأَقْوَالِ المُخْتَلِفَةِ، فَيَكُونُ السَّبْرُ حِينَهَا لِلوُصُولِ إِلَى مُرَجِّحٍ فَقَطْ، لَا إِلَى حُكْمٍ اسْتِقْلَالِيٍّ» (٢).

ويُمكِنُنَا القولُ - مِنْ خلالِ الاستقراءِ - إنَّ اعتمادَ السَّبرِ كمُرجِّحٍ في تعارضِ الجرحِ والتَّعديلِ هوَ مذهبُ كلٍّ منْ ابنِ حبَّانَ وابنِ عديٍّ، واختيارُ الذَّهبيِّ في بعضِ الرُّواةِ، نُوردُ أقوالَهُمْ وتطبيقاتِهِمْ بشيءٍ منَ التَّفصيلِ:

أولاً: ابن حبان:

قالَ ابنُ حبَّانَ «ت ٣٥٤ هـ» في مقدِّمةِ كتابِهِ «الثِّقاتِ»: «وَإِنَّمَا أَذْكُرُ فِي هَذَا الكِتَابِ الشَّيخَ بَعْدَ الشَّيخِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا وَوَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ، فَمَنْ صَحَّ عِنْدِي مِنْهُمْ أَنَّهُ ثِقَةٌ بِالدَّلَائِلِ النَّيِّرَةِ أَدْخَلْتُهُ فِي هَذَا الكِتَابِ، لَأَنَّهُ يَجُوزُ الاِحْتِجَاجُ بِخَبَرِهِ، وَمَنْ صَحَّ عِنْدِي مِنْهُمْ أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِالبَرَاهِينِ الوَاضِحَةِ لَمْ أَذْكُرْهُ فِي هَذَا الكِتَابِ، لَكِنِّي أَدْخَلْتُهُ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ بِالعِلَلِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِحْتِجَاجُ بَخَبَرِهِ» (٣). والدَّلائلُ النيِّرةُ والبراهينُ الواضحةُ: هيَ سبرُ مرويَّاتِ الرَّاوِي ومدَى موافقتِهَا للثِّقاتِ أو مخالفتِهَا.


(١) الدكتور حاتم بن عارف بن ناصر الشريف، العوني، من آل عون، العبادلة الأشراف الحسنيين، «ولد ١٣٨٥ هـ»، حصل على الدكتوراة من جامعة أم القرى بمكة المكرمة سنة «١٤٢١ هـ»، له العديد من المؤلفات والتحقيقات، فمن مؤلفاته: «المنهج المقترح لفهم المصطلح»، و «المرسل الخفي، وعلاقته بالتدليس»، و «خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل»، و «إجماع المحدثين»، ومن تحقيقاته: «أحاديث الشيوخ الثقات» لأبي بكر الباقي. انظر المعجم الجامع في تراجم العلماء المعاصرين، الصادر عن ملتقى أهل الحديث على الشبكة العنكبوتية.
(٢) خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل ص ٢٢.
(٣) الثقات لابن حبان ١/ ١٣.

<<  <   >  >>