للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخرِ عمرِهِ، حتَّى كانَ لا يدرِي ما يُحدِّثُ بِهِ، وبقيَ ستَّ سنين في اختلاطِهِ، فظهرَ في روايتِهِ أشياءُ مناكيرُ لا تُشبِهُ حديثَهُ القديمَ، فلمَّا ظهرَ ذلكَ منْ غيرِ أنْ يتميَّزَ مستقيمُ حديثِهِ منْ غيرِهِ لمْ يجزِ الاحتجاجُ بهِ فيمَا انفردَ» (١).

ثانياً: ابنُ عديٍّ:

قالَ ابنُ عديٍّ «ت ٣٦٥ هـ» في مقدِّمةِ «الكاملِ»: «وَذَاكِرٌ فِي كِتَابِي هَذَا كُلَّ مَنْ ذُكِرَ بِضَرْبٍ مِنَ الضَّعْفِ، وَمَنِ اخْتُلِفَ فِيهِمْ فَجَرَّحَهُ البَعْضُ وَعَدَّلَهُ البَعْضُ الآَخَرُ، وَمُرَجِّحٌ قَولَ أَحَدِهِمَا مَبْلَغَ عِلْمِي مِنْ غَيرِ مُحَابَاةٍ، فَلَعَلَّ مَنْ قَبَّحَ أَمْرَهُ أَوْ حَسَّنَهُ تَحَامَلَ عَلَيهِ أَوْ مَالَ إِلَيهِ، وَذَاكِرٌ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِمَّا رَوَاهُ مَا يُضَعَّفُ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ يُلْحِقُهُ بِرِوَايَتِهِ، وَلَهُ اِسْمُ الضَّعْفِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيهَا، لِأُقَرِّبَهُ عَلَى النَّاظِرِ فِيهِ» (٢).

ومنَ الأمثلةِ على ترجيحِ الرُّواةِ المختلفِ فيهِمْ منْ خلالِ السَّبرِ، قولُ ابنِ عديٍّ في «بشارِ بنِ موسَى»: «رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالحَدِيثِ، وَيَرْوِي عَنْ قَومٍ ثِقَاتٍ، وَأَرْجُو أَنْ لَا بَاسَ بِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ كَتَبَ الحَدِيثَ الكَثِيرَ، وَقَدْ حَدَّثَ النَّاسُ عَنْهُ، وَلَمْ أَرَ فِي حَدِيثِهِ شَيئَاً مُنْكَرَاً، وَقَولُ مَنْ وَثَّقَهُ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ مِمَّنْ ضَعَّفَهُ» (٣).

وقولُهُ في «عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ بنِ أسلمَ»: «وَلَهُ مِنَ الحَدِيثِ غَيرُ مَا ذَكَرْتُ، قَلِيلٌ لَيسَ بِالكَثِيرِ، وَهُوَ مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَثَّقَهُ غَيرُ وَاحِدٍ» (٤).


(١) انظر الضعفاء للبخاري ر ٢٧٨، والكامل لا بن عدي ر ١٥٢١، ومن تكلم فيه وهو موثق ر ٢٤٣، والمجروحين ر ٧٢٥، والتهذيب ر ٣٩٥، والتقريب ر ٤٦٠٠.
(٢) الثقات لابن حبان ١/ ١٣.
(٣) الكامل لابن عدي ر ٢٦٣.
(٤) المصدر ذاته ر ١٠٠١.

<<  <   >  >>