للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعيينُ الزَّمنِ الذي اختلطَ فيهِ الرَّاوي، لمعرفةِ الشُّيوخِ الذينَ روَوا عنهُ قبلَ زمنِ الاختلاطِ مِنَ الذينَ روَوا عنهُ في زمنِ الاختلاطِ: بأنْ يُسبَرَ حديثُ الرَّاوي عنْ شيوخِهِ المتقدِّمينَ، ثمَّ المتأخِّرينَ، ويقارِنَهَا بمرويَّاتِ الثِّقاتِ، حيثُ إنَّ أغلبَ الرُّواةِ المختلطينَ كانَ اختلاطُهُمْ في سِنٍّ متأخِّرةٍ بسببِ الكِبَرِ وفسادِ العقلِ، فكانَ لا بُدَّ مِنْ تمييزِ السِّنِّ التي اختلطُوا فيهَا، وبيانِ الرُّواةِ الذينَ أخذُوا عنهُم قبلَ أو بعدَ الاختلاطِ، قالَ ابنُ حبَّانَ «ت ٣٥٤ هـ» في «محمَّدِ بنِ الفضلِ السَّدوسِيِّ»: «اِخْتَلَطَ فِي آَخِرِ عُمُرِهِ وَتَغَيَّرَ، فَكَانَ لَا يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ بِهِ، فَوَقَعَتِ المَنَاكِيرُ الكَثِيرَةُ فِي رِوَايَتِهِ، فَيَجِبُ تَنَكُّبُ رِوَايَةِ المُتَأَخِّرِينَ عَنْهُ» (١). وقالَ في «ابنِ لهيعَةَ»: «سَبَرْتُ أَخْبَارَهُ فِي رِوَايَةِ المُتَقَدِّمِينَ وَالمُتَأَخِّرِينَ عَنْهُ، فَرَأَيتُ التَّخْلِيطَ فِي رِوَايَةِ المُتَأَخِّرِينَ مَوجُودَاً» (٢). وقالَ في «قيسِ بنِ الرَّبيعِ»: «سَبَرْتُ أَخْبَارَهُ مِنْ رِوَايَاتِ القُدَمَاءِ وَالمُتَأَخِّرِينَ وَتَتَبَّعْتُهَا، فَرَأَيتُهُ صَدُوقَاً مَامُونَاً حَيثُ كَانَ شَابَّاً» (٣).

٤) معرفةُ مصدرِ الخطأِ مِنَ الشَّيخِ أوِ التِّلميذِ: بأنْ يسبرَ حديثَ الرَّاوي عنْ شيخٍ لهُ، ويعارضَهُ بمرويَّاتِ المشهورينَ بالإتقانِ مِنْ أقرانِهِ عنْ ذلكَ الشَّيخِ، فإنْ خالفَ أقرانَهُ كانَ الخطأُ منهُ، وقدْ بيَّنَ ابنُ معينٍ «ت ٣٣٢ هـ» هذا النَّوعَ، حينمَا سُئِلَ عنْ سماعِهِ لكُتُبِ «حمادِ بنِ سلمةَ» منْ سبعةَ عشرَ تلميذَاً، فقالَ: «إِنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ كَانَ يُخْطِئُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُمَيِّزَ خَطَأَهُ مِنْ خَطَأِ غَيرِهِ، فَإِذَا رَأَيتُ أَصْحَابَهُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى شَيءٍ عَلِمْتُ أَنَّ الخَطَأَ مِنْ حَمَّادٍ


(١) المجروحين ٢/ ٢٩٥.
(٢) المصدر ذاته ٢/ ١٢.
(٣) المصدر ذاته ٢/ ٢١٨.

<<  <   >  >>