للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذِهِ الطَّريقَةُ تُضافُ إلى الطّرق السَّابقةِ كعاضدةٍ ومقوِّيةٍ لحكمِ الإدراجِ مِنْ عدمِهِ في الحديثِ، وتُعتمَدُ أيضَاً استقلالَاً، فهيَ مِنَ الأهميَّةِ بحيثُ لا يُمكنُ إغفالُهَا أو إهمالُهَا، لكنَّ ابنَ دقيقٍ العيدُ «ت ٧٠٢ هـ» بيَّنَ أنَّ هذَا الطَّريقَ في معرفةِ الحديثِ المُدرَجِ ظنِّيٌ وليسَ بقطعيٍّ ما لمْ تنضمَّ إليهِ قرائنُ تقوِّيهِ، فقالَ: «وَكَثِيرَاً مَا يَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَرِدَ الفَصْلُ بَينَ كَلَامِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- وَكَلَامِ الرَّاوِي مُبَيَّنَاً فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَهَذَا طَرِيقٌ ظَنِّيٌّ قَدْ يَقْوَى قُوَّةً صَالِحَةً فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ، وَقَدْ يَضْعُفُ» (١). ثمَّ بيَّنَ ما يقوى بهِ ومَا يضعفُ، فقالَ: «فَمِمَّا يَقْوَى فِيهِ: أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الرَّاوِي أَتَى بَعْدَ انْقِضَاءِ كَلَامِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مُتَّصِلَاً بِآخِرِهِ، وَمِمَّا قَدْ يَضْعُفُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُدْرَجَاً فِي أَثْنَاءِ لَفْظِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- لَا سِيَمَا إِنْ كَانَ مُقَدَّمَاً عَلَى اللَّفْظِ المَرْوِيِّ أَوْ مَعْطُوفَاً عَلَيهِ بِوَاوِ العَطْفِ» (٢). إلَّا أنَّ ما بيَّنهُ مختصٌّ بمُدرجِ المتنِ، لأنَّهُ قدْ يعسُرُ فصلُهُ أو يشتبهُ بزياداتِ الثِّقاتِ، وهذَا لا ينطبقُ على مُدرجِ الإسنادِ، فدلالةُ السَّبرِ فيهِ دلالةٌ قطعيَّةٌ خصوصَاً لمنْ لهُ معرفةٌ بالطُّرقِ والأسانيدِ والرِّجالِ ومراتبِهِمْ في الحفظِ والإتقانِ، فإذَا توافقَ جمعٌ منَ الرُّواةِ الثِّقاتِ على أصلِ روايةٍ، وخالفَهُمْ فيهَا مَنْ هوَ أقلُّ منهُمْ عددَاً أو رتبةً، فالحكمُ للأكثرِ وللأوثقِ، وبذلكَ يُدرَكُ الإدراجُ بالمخالفةِ، قالَ الدكتورُ حمزةُ المليباريُّ: «المُدَرَجُ نَوعٌ مِنْ أَنْوَاعِ المَعْلُولِ لِأَنَّ الإِدْرَاجَ خَطَأٌ، وَلَا يُعْرَفُ خَطَأُ الإِدْرَاجِ فِي الحَدِيثِ إِلَّا بِالجَمْعِ وَالمُقَارَنَةِ وَالحِفْظِ وَالمَعْرِفَةِ، إِضَافَةً إِلَى رَصِيدٍ مُعْتَبَرٍ مِنَ الخَلْفِيَّاتِ الحَدِيثِيَّةِ، فَإِذَا وُجِدَتِ الرِّوَايَاتُ الأُخْرَى الصَّحِيحَةُ مُتَّفِقَةً عَلَى فَصْلِ القَدْرِ المُدْرَجِ عَنْ بَقِيَّةِ الحَدِيثِ، أَوْ عَلَى تَرْكِهِ وَإِسْقَاطِهِ مِنْهُ، … فَيُحْكَمُ بِالإِدْرَاجِ وَخَطَأِ الرَّاوِي وَوَهْمِهِ فِي جَعْلِهِ طَرَفَاً مِنْهُ» (٣).


(١) الاقتراح في بيان الاصطلاح ص ٢٣.
(٢) المصدر ذاته.
(٣) الحديث المعلول - قواعد وضوابط - ١/ ٣٩.

<<  <   >  >>