للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقدْ بنى الخطيبُ منهجَهَ في كتابهِ «الفصلُ للوصلِ المدرجِ في النَّقلِ» على قاعدةِ السَّبرِ، بجمعِ الرِّواياتِ الخاليةِ مِنَ الإدراجِ، ومعارضتِهَا بالرِّواياتِ المدرجةِ، إضافةً إلى القواعدِ الأخرى المذكورة آنفاً، ومنْ ثُمَّ التَّرجيحُ على وفقِ هذهِ القواعدِ، قالَ الدكتورُ عبدُ السَّميعِ الأنيسُ (١): «وَقَدْ بَلَغَ عَدَدُ الأَحَادِيثِ التِي أَورَدَهَا فِي كِتَابِهِ «١١٣» حَدِيثَاً، بَينَمَا بَلَغَ عَدَدُ الرِّوَايَاتِ التِي سَاقَهَا لِبَيَانِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ وَفِيهَا رِوَايَاتُ مَنْ فَصَلَ وَمَنْ وَصَلَ «١٢٥٧» رِوَايَةً» (٢). ثمَّ بيَّنَ منهجَ الخطيبِ في كتابِهِ القائمِ على السِّبرِ وتتبُّعِ الطُّرقِ، فقالَ: «وَكَانَ مَنْهَجُهُ فِي كُلِّ الأَحَادِيثِ التِي أَورَدَهَا فِي كِتَابِهِ يَقُومُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ:

المَرْحَلَةُ الأُولَى: يَاتِي بِالرِّوَايَةِ أَوْ الرِّوَايَاتِ التِي فِيهَا إِدْرَاجٌ …

المَرْحَلَةُ الثَّانِيَةُ: يُبَيِّنُ مَا فِي هَذِهْ الرِّوَايَاتِ مِنْ إِدْرَاجٍ … مَعَ ذِكْرِ مَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيثِ وَنُقَّادِهِ، إِنْ وُجِدَ.

المَرْحَلَةُ الثَّالِثَةُ: ثُمَّ يَاتِي بِالرِّوَايَةِ أَوْ الرِّوَايَاتِ الَّتِي فَصَلَتْ، وَبَيَّنَتِ المُدْرَجَ مِنْ غَيرِهِ.

وَقَدْ سَارَ عَلَى هَذَا المَنْهَجِ فِي جَمِيعِ أَحَادِيثِ الكِتَابِ» (٣).


(١) الدكتور عبد السميع محمد الأنيس، مدرس في كلية الشريعة في إمارة الشارقة، من تحقيقاته: «نزهة النظر شرح نخبة الفكر»، و «الفصل للوصل المدرج في النقل»، ومن مؤلفاته: «بحوث في السنة المطهرة»، و «الأساليب النبوية في معالجة المشكلات الزوجية».
(٢) الفصل للوصل المدرج في النقل - مقدمة المحقق - ص ١٠٧ و ١٠٨.
(٣) المصدر ذاته. مثال ذلك: حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علمه التشهد في الصلاة، وفيه: «فإذا قلت ذلك فقد تمت صلاتك فإن شئت فقم، وإن شئت فاقعد».
قال الخطيب: «كذا روى هذا الحديث أبو داود الطيالسي، عن أبي خيثمة، ووافقه … » وعد سبعاً من الرواة، ثم قال: «فرووه سبعتهم عن زهير كرواية أبي داود عنه». =
= ثم بين الإدراج، فقال: «وقوله في المتن: «فإذا قلت ذلك … ». ليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما قول ابن مسعود -رضي الله عنه- أدرج في الحديث. وقد بينه شبابة بن سوار في روايته عن زهير بن معاوية، وفصل كلام ابن مسعود من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك رواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحر مفصلاً مبيناً … وقد روى حسين بن علي الجعفي، ومحمد بن عجلان عن الحسن بن الحر هذا الحديث، فلم يذكرا بعد الشهادتين شيئاً، بل اقتصرا على بيان اللفظ المرفوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقط». انظر الفصل للوصل المدرج في النقل ص ١٥٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>