للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبمَا أنَّ كتابَ ابنِ حجرٍ «تقريبُ المنهجِ بترتيبِ المُدرَجِ» مفقودٌ، فيُمكنُنَا استيضاحُ منهجِهِ في الكشفِ عنِ الحديثِ المُدرجِ مِنْ كتابهِ «التَّلخيصُ الحبيرُ» فهوَ يتساوقُ معَ منهجِ الخطيبِ المذكورِ، القائمِ على السَّبرِ وجمعِ طرقِ الحديثِ ومعارضةِ مرويَّاتِ الفصلِ بمرويَّاتِ الوصلِ، والتَّرجيحُ أو البيانُ وفقاً لذلكَ (١).

وقدْ أوردتُ مناهجَ هؤلاءِ العلماءِ في كتبهِمْ لأبيِّنَ أنَّ الكشفَ عَنِ الإدراجِ بالسَّبرِ هوَ المنهجُ الذي اعتمدَهُ الأئمَّةُ سواءٌ في السَّندِ أو المتنِ وسواءٌ كانَ اعتمادُهُ استقلالَاً، أو بالإضافةِ إلى الطُّرقِ والقرائنِ الأخرى.

وإليكَ بيانُ أثرِ السَّبرِ في معرفةِ الحديثِ المُدرَجِ سندَاً مِنْ خلالِ الأمثلةِ الآتيةِ:

أولاً: أنْ يرويَ جماعةٌ الحديثَ بأسانيدَ مختلفةٍ، فيرويهِ عنهُمْ راوٍ فيجمعُ الكلَّ على إسنادٍ واحدٍ منْ تلكَ الأسانيدِ، ولا يُبيِّنُ الاختلافَ:


(١) مثال ذلك: حديث: «انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صلاة جهر فيها بالقراءة … فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر فيه بالقراءة». مالك في الموطأ، والشافعي عنه، وأحمد، والأربعة، وابن حبان من حديث الزهري عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وفيه «فانتهى الناس». وقوله: «فانتهى الناس إلى آخره» مدرج في الخبر من كلام الزهري، بينه الخطيب، واتفق عليه البخاري في التاريخ، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان، والذهلي، والخطابي، وغيرهم. انظر التلخيص الحبير ١/ ٢٣١.
فبين أولاً من أخرجه من الأئمة برواية الوصل وطريق الحديث ومداره، ثم بين مكان الإدراج، ومن نص عليه من أئمة الحديث - الخطيب هنا - ثم من اتفق على أنه إدراج من أئمة الحديث.

<<  <   >  >>