للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمَّ ساقَهُ بسندِهِ منْ طريقِ أمِّ كُلثومٍ بنتِ أبي بكرٍ بمعناهُ. وأمُّ كلثومٍ هذهِ وُلدتِ بعدَ وفاةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فليستْ لهَا صحبةٌ (١)، وحديثُهَا مرسلٌ عضدَ مرسلَاً آخرَ فقوَّاهُ.

٣ - أو يوافقُهُ قولُ بعضِ الصَّحابةِ: مثالُ ذلكَ حديثُ الحسنِ -رضي الله عنه-، قالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُنْكَحَ الأَمَةُ عَلَى الحُرَّةِ». قالَ البيهقيُّ «ت ٤٥٨ هـ»: «هَذَا مُرْسَلٌ، إِلَّا أَنَّهُ فِي مَعْنَى الكِتَابِ، وَمَعَهُ قَولُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ». ثمَّ ساقَ بإسنادِهِ ما يعضدُهُ منْ قولِ عليٍّ -رضي الله عنه-، وجابرِ ابنِ عبدِ اللهِ -رضي الله عنه-، وابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنه- وابنِ عمرَ -رضي الله عنه- (٢).

٤ - أو يكونُ قدْ قالَ بهِ أكثرُ أهلِ العلمِ.

فهذِهِ المذكوراتُ إنَّمَا هيَ دلائلُ على صحَّةِ مخرجِ الحديثِ، بلْ وقوَّتهِ في البندِ الأوَّلِ، قالَ شيخُنَا محمَّدُ عجاجٌ: «وَإِذَا صَحَّ مَجِيءُ المُرْسَلِ مِنْ وَجْهٍ آَخَرَ مُسْنَدَاً عَنْ غَيرِ رِجَالِ الأَوَّلِ فَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ العُلَمَاءِ وَالمُحَدِّثِينَ، لِأَنَّ المُسْنَدَ كَشَفَ عَنْ صِحَّةِ المُرْسَلِ، حَتَّى لَو عَارَضَهُمَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ قُدِّمَا عَلَيهِ إِذَا تَعَذَّرَ الجَمْعُ، وَذَلِكَ لِتَعَدُّدِ الطُّرُقِ» (٣).

ثانياً: التَّرْجِيحُ عِنْدَ تَعَارُضِ الوَصْلِ وَالإِرْسَالِ:

الحديثُ إذا رُويَ مُرسلَاً مرَّةً، وموصولَاً أخرى، فللعلماءِ أقوالٌ نفصِّلُهَا فيمَا يأتي:


(١) أسد الغابة ٧/ ٤٢٠/ ر ٧٥٦٦.
(٢) سنن البيهقيِّ ٧/ ١٧٥ وما بعدها.
(٣) أصول الحديث ص ٢٢٣.

<<  <   >  >>