للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ العُقَيليُّ «ت ٣٢٢ هـ»: «عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "شَرَفُ المُؤْمِنِ صَلَاْتُهُ فِيْ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ فِيْ النَّهَارِ اسْتِغْنَاؤُهُ عَمَّا فِيْ أَيْدِيْ النَّاسِ". هَذَاْ يُرْوَىْ عَنِ الحَسَنِ وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مُسْنَدٌ» (١).

ثانياً: تَقويةُ الحديثِ بتعدُّدِ طُرقِهِ: الموقوفُ والمقطوعُ كمَا المرفوعُ مِنْ أنواعِ الحديثِ، وهيَ ألقابٌ تختصُّ بالمتنِ دونَ الإسنادِ - كمَا مرَّ بيانُهُ - فلاْ بدَّ للإسنادِ فيْ هذهِ الأنواعِ أنْ يخضعَ لشروطِ الرَّدِّ والقبولِ التيْ يجبُ توافرُهَا فيْ الحديثِ حتَّىْ يُعملَ بِهِ، وأثرُ السَّبرِ فيْ ذلكَ هوَ وجودُ طريقٍ للحديثِ المقطوعِ أوْ الموقوفِ أوْ المرفوعِ تُقوِّيهِ أوْ تُرقِّيهِ، ومرجعُ هذَا مبحثُ الاعتبارِ، قالَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ»: «ثُمَّ إِنَّ مِنْهُ - أَيْ: المَوْقُوْفُ - مَاْ يَتَّصِلُ الإِسْنَادُ فِيْهِ إِلَىْ الصَّحَابِيِّ فَيَكُوْنُ مِنَ المَوْقُوْفِ المَوْصُوْلِ، وَمِنْهُ مَاْ لَاْ يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ فَيَكُوْنُ مِنَ المَوْقُوْفِ غَيْرِ المَوْصُوْلِ عَلَىْ حَسَبِ مَاْ عُرِفَ مِثْلُهُ فِيْ المَرْفُوْعِ» (٢).

فإذَا وُجِدَ طريقٌ آخرُ للموقوفِ مشتملٌ علىْ شروطِ القبولِ، ارتقىْ الحديثُ إلىْ الحسنِ أوْ الصَّحيحِ أوْ تقوَّى بتعدُّدِ طرقِهِ إنْ كانتِ الطُّرقُ صالحةً لذلكَ، وكذلكَ المقطوعُ - وإنْ كانَ خارجَ دائرةِ الموصولِ كمَا ذكرناهُ آنفَاً - لكنْ معَ التَّقييدِ بوصلِهِ إلىْ قائلِهِ مِنَ التَّابعينَ (٣).


(١) الضُّعفاء للعقيليِّ ٢/ ٣٧.
(٢) مقدِّمة ابن الصَّلاح ص ٤٦.
(٣) والغرض من تقوية المقطوع وصحَّة نسبته لقائله - وإن لم يحتجّ به في الأحكام الشَّرعية - الاعتمادُ عليهِ كمرجِّحٍ وقرينةٍ حال الاختلاف، وليبقى مرجع هذا العلم القرون الثلاثة الأولى التي خصَّها النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالخيريَّة، وقد دافع السَّخاويُّ عن إدخال الموقوف والمقطوع في أنواع الحديث، واستشهد بقول الخطيب: «إنَّه يلزم كتبها - أي الموقوف والمقطوع - والنَّظر فيها ليتخيَّر من أقوالهم، ولا يشذَّ عن مذاهبهم». ثمَّ قال السَّخاويُّ «ت ٩٠٢ هـ»: «لا سيما وهي أحد ما يعتضد به المرسل، وربَّما يتَّضح بها المعنى المحتمل من المرفوع». فتح المغيث ١/ ١١٠.

<<  <   >  >>