للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ عَنْهُ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْهُ نَفْسَهُ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَونِهِ وَهْمَاً» (١).

وقالَ الأبناسيُّ «ت ٨٠٢ هـ»: «رُبَّمَا كَانَ الحُكْمُ لِلنَّاقِصِ، وَالزَّائِدُ وَهْمٌ، فَيَكُونُ مِنْ نَوعِ المَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الأَسَانِيدِ» (٢).

خَامِسَاً: كَثْرَةُ الرُّوَاةِ للعَالِي أو ثِقَتُهُمْ: مقابلَ ثقةِ أو كثرةِ الرُّواةِ للنَّازلِ، فإذَا كانَ كِلَا الإسنادينِ مُتَّصِلاً، وانتفتِ القرائنُ التي تخرجُهُمَا عَنِ العالي والنَّازلِ المذكورةِ آنفَاً، فتقاوُمُ كِلَا الإسنادينِ مِنَ المُرجِّحاتِ لصحَّتِهِمَا على الوجهينِ، قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» تعليقَاً على حديثِ: «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيِجْلِدْهَا الحَدَّ … ». - بعدَ أنْ أوردَ الاختلافَ عليهِ -: «اقْتَصَرَ البُخَارِيُّ عَلَى حَدِيثِ اللَّيثِ. قُلْتُ: اللَّيثُ إِمَامٌ، وَقَدْ زَادَ فِيهِ: "عَنْ أَبِيهِ" فَلَا يَضُرُّهُ مَنْ نَقَصَهُ، عَلَى أَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الحَدِيثُ عِنْدَ سَعِيدٍ عَلَى الوَجْهَينِ، لِكَثْرَةِ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ دُونَ ذِكْرِ "أَبِيهِ"» (٣).

وإليكَ بيانُ أثرِ السَّبرِ في معرفةِ العالي والنَّازلِ مِنْ خلالِ التَّطبيقِ الآتي:

حديثُ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ -رضي الله عنه-، قالَ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَينَا».


(١) مقدمة ابن الصلاح ١/ ٢٨٦.
(٢) الشذا الفياح ٢/ ٤٨١.
(٣) مقدمة فتح الباري ١/ ٣٥٩.

<<  <   >  >>