للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثَانِيَاً: إِمْكَانِيَّةُ اللِّقَاءِ وَالمُعَاصَرَةِ بَينَ الرَّاوِيَينِ فِي العَالِي: حيثُ إنَّ اللقاءَ والمعاصرةَ بينَ الرُّواةِ همَا الفيصلُ بينَ الاتِّصالِ والانقطاعِ، فإنْ لمْ يكنْ ثمَّةَ لقاءٌ أو معاصرةٌ بينَهُمَا، كانَ النَّاقصُ مُنقطِعَاً والزَّائدُ متَّصِلاً، وأُعلَّ النَّاقصُ بالزَّائدِ، فإذَا أمكنَ اللقاءُ والمعاصرةُ تبيَّنَ صحَّةُ الحديثِ على الوجهينِ، وعُدَّ مِنَ العالي والنازل، ولأجلِ هذَا فإنَّ أئمَّةَ الحديثِ قيَّدُوا تعريفَ العالي بالاتِّصالِ.

ثَالِثَاً: رِوَايَةُ الرَّاوِي نَفْسِهِ لِلحَدِيثِ عَلَى الوَجْهَينِ بِالتَّحْدِيثِ: مِمَّا يُؤكِّدُ سماعَهُ للحديثِ على الوجهينِ عاليَاً ونازِلاً، قالَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ» في معرضِ كلامِهِ عنِ اشتباهِ العَالي والنَّازلِ بغيرِهِ: «فَالظَّاهِرُ مِمَّنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَذْكُرَ السَّمَاعَينِ، فَإِذَا لَمْ يَجِيءَ عَنْهُ ذِكْرُ ذَلِكَ حَمَلْنَاهُ عَلَى الزِّيَادَةِ المَذْكُورَةِ» (١).

وقالَ الفِهريُّ (٢) «ت ٧٢١ هـ»: «وَإِذَا كَانَ الزَّائِدُ بِلَفْظِ "عَنْ" أَيضَاً، فَلَعَلَّهُ نَقَصَ رَجُلٌ آَخَرُ غَيرَ ذَلِكَ المَزِيدِ، وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ هَذَا الاِحْتِمَالُ إِذَا قَالَ الرَّاوِي الزَّائِدُ "حَدَّثَنَا" وَيَبْقَى احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الحَدِيثُ عِنْدَهُ عَنْهُمَا مَعَاً» (٣).

رَابِعَاً: عَدَمُ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى وَهْمِ الزِّيَادَةِ في النَّازِلِ: مِمَّا ينفي كونَهُ مِنَ المزيدِ في مُتَّصلِ الأسانيدِ، قالَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ»: «وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالسَّمَاعِ أَوْ بِالإِخْبَارِ،


(١) التقريب ١/ ٢٠.
(٢) محمد بن عمر بن محمد، أبو عبد الله، محب الدين الفهري، «٦٥٧ هـ - ٧٢١ هـ»، رحالة، عالم بالأدب، عارف بالتفسير، من تصانيفه: «السن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين البخاري ومسلم في السند المعنعن»، و «إفادة النصيح بالتعريف بإسناد الجامع الصحيح». انظر طبقات الحفاظ ص ٥٢٨.
(٣) السنن الأبين ١/ ٩٣.

<<  <   >  >>