للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدَّورِ (١) مِنْ هذَا التَّعريفِ: «وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّ الإِسْنَادَ تَبْيِينُ طَرِيقِ المَتْنِ أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ أَوْ آَحَادٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَالإِسْنَادُ حِكَايَةٌ عَنْ طَرِيقِ المَتْنِ» (٢).

والآحادُ يدخلُ في هذَا العلمِ مِنَ الجهتينِ، فمعرفتُهُ تتمُّ بالسَّبرِ وجمعِ الطُّرقِ، وقوَّتُهُ لا بدَّ فيهَا معَ السَّبرِ مِنْ تطبيقِ قواعدِ المحدِّثينَ لبيانِ صحَّتِهِ مِنْ ضعفِهِ.

فالمتواترُ والآحادُ بأقسامِهِ: أنواعٌ للحديثِ مِنْ جهةِ تعدُّدِ الرُّواةِ معَ اتِّفاقِهِمْ، وكلُّ مَا كانَ مُستندُهُ العددَ، فالسَّبرُ هوَ الطَّريقُ الرَّئيسُ والأساسُ لكشفِهِ، قالَ أبو العبَّاسِ الطَّبريُّ «ت ٣٣٥ هـ»: «فَكَانَ فِي تَحَفُّظِ طُرُقِ الأَخْبَارِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الخَبَرُ عَنْ حَدِّ الوَاحِدِ إِلَى حَدِّ الاِثْنَينِ، وَخَبَرِ الثَّلَاثَةِ وَالأَرْبَعَةِ، وَلَعَلَّهُ يَدْخُلُ فِي خَبَرِ الشَّائِعِ المُسْتَفِيضِ» (٣).

وقالَ الصَّنعانيُّ «ت ١١٨٢ هـ»: «وَتُعْرَفُ صِحَّةُ دَعْوَى التَّوَاتُرِ بِالبَحْثِ عَنْ طُرُقِ الأَحَادِيثِ، وَقَدْ يَحْصُلُ التَّوَاتُرُ لِبَاحِثٍ دُونَ بَاحِثٍ، لِأَنَّ المَدَارَ عَلَى كَثْرَةِ الاِطِّلَاعِ، وَلَيسَ النَّاسُ فِيهِ سَوَاءً» (٤). فإذَا خلَا الحديثُ بعدَ السَّبِر مِنَ التَّعدُّدِ كانَ فردَاً أو غريبَاً، فإذَا عثرْنَا على طريقٍ أُخرى لهُ فهوَ العزيزُ، فإذَا تجاوزتِ الطُّرُقُ الاثنينِ فأكثرَ فهوَ المشهورُ، وإذَا بلغتِ الطرقُ كثرةً يستحيلُ معهَا التَّواطؤُ على الكذبِ عُدَّ الحديثُ متواترَاً، قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «الحَدِيثُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ طُرُقُ أَسَانِيدَ بِلَا عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَعَ حَصْرٍ بِمَا فَوقَ الاِثْنَينِ أَوْ بِهِمَا، أَوْ بِوَاحِدٍ، فَالأَوَّلُ: المُتَوَاتِرُ … وَهوَ: عَدَدٌ كَثِيرٌ أَحَالَتِ العَادَةُ


(١) المقصود بالدور هنا: أن الحاصل من تعريف ابن حجر للإسناد يصير: الطريق حكاية الطريق.
(٢) شرح نخبة الفكر للقاري ١/ ١٦٠.
(٣) جزء في حديث أبي عمير ١/ ص ٣٤. وانظر تعليق ابن حجر على كلامه في فتح الباري ١٠/ ٥٨٥.
(٤) توضيح الأفكار ٢/ ٤١١.

<<  <   >  >>