للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الكَذِبِ، وَالثَّانِي: المَشْهُورُ، وَالثَّالِثُ: العَزِيزُ، وَالرَّابِعُ: الغَرِيبُ. وَسِوَى الأَوَّلِ: آَحَادٌ … » (١).

وقدْ دلَّلَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» على كثرةِ التَّواترِ بتعدُّدِ طرقِ الأحاديثِ في المصنَّفاتِ الحديثيَّةِ، وهيَ إشارةٌ منهُ للبحثِ عنِ المتواترِ في بطونِ هذهِ الكتبِ، فقالَ: «وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يُقَرَّرُ بِهِ كَونُ المُتَوَاتِرِ مَوجُودَاً وُجُودَ كَثْرَةٍ فِي الأَحَادِيثِ: أَنَّ الكُتُبَ الَمشْهُورَةَ المُتَدَاوَلَةَ بَينَ أَهْلِ العِلْمِ، المَقْطُوعَ بِصِحَّةِ نِسْبَتِهَا إِلَى مُصَنِّفِيهَا، إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى إِخْرَاجِ حَدِيثٍ وَتَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ تَعَدُّدَاً تُحِيلُ العَادَةُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الكَذِبِ، أَفَادَ العُلْمُ اليَقِينِيُّ بِصِحَّةِ نِسْبَتِهِ إِلَى قَائِلِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الكُتُبِ المَشْهُورَةِ كَثِيرٌ» (٢).

وهوَ المنهجُ الذي اعتمدَهُ السُّيوطيُّ بتصنيفِهِ في الحديثِ المتواترِ، بيَّنَ ذلكَ في مقدِّمةِ كتابِهِ، فقالَ: «فَإِنِّي جَمَعْتُ كِتَابَاً، وَسَمَّيتُهُ: «الفَوَائِدُ المُتَكَاثِرَةُ فِي الأَخْبَارِ المُتَوَاتِرَةِ» أَورَدْتُ فِيهِ مَا رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَشَرَةٌ فَصَاعِدَاً، مُسْتَوعِبَاً طُرُقَ كُلِّ حَدِيثٍ وَأَلْفَاظَهُ فِي كِتَابٍ حَافِلٍ» (٣).

وممَّا يُؤخذُ بعينِ الاعتبارِ عندَ السَّبرِ شرطُ العلماءِ بوجودِ عدَّةِ التَّواترِ في جميعِ طبقاتِ الحديثِ، فإذَا فُقِدَ هذَا الشَّرطُ في بعضِ طبقاتِهِ لا يُعدُّ متواترَاً، قالَ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ»: «حَدِيثُ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» لَيسَ مِنْ ذَلِكَ السَّبِيلِ، وَإِنْ نَقَلَهُ عَدَدُ المُتَوَاتِرِ وَزِيَادَةٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ طَرَأَ عَلَيهِ فِي وَسَطِ إِسْنَادِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي أَوَائِلِهِ» (٤).


(١) نخبة الفكر ص ١.
(٢) نخبة الفكر وشرحها للقاري ص ١٨٨.
(٣) مخطوط في مكتبة الأزهر الشريف، وفيه ذكر أن اسم الكتاب «الفوائد المتكاثرة» واسم المختصر: «قطف الأزهار المتناثرة». وقد بين الشيخ أحمد شاكر أنه خطأ من السيوطي نفسه. انظر شرح ألفية السيوطي ص ٢٦ و ٢٧.
(٤) مقدمة ابن الصلاح ص ٢٦٧.

<<  <   >  >>