للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبمَا أنَّ العمدةَ في قبولِ الزِّيادةِ منْ عدمِهِ للقرائنِ والمرجِّحاتِ، فالسَّبرَ هوَ الطَّريقُ لمعرفةِ كثيرٍ منَ القرائنِ والمرجِّحاتِ التي تُقوِّي ثبوتَ أو ردَّ الزِّيادةِ في الحديثِ، قالَ العلائيُّ «ت ٧٦١ هـ»: «وَوُجُوهُ التَّرجِيحِ كَثِيرَةٌ لَا تَنحَصِرُ وَلَا ضَابِطَ لَهَا بِالنِّسبَةِ إِلَى جَمِيعِ الأَحَادِيثِ، بَلْ كُلُّ حَدِيثٍ يَقُومُ بِهِ تَرجِيحٌ خَاصٌّ، وَإِنَّمَا يَنهَضُ بِذَلِكَ المُمَارِسُ الفَطِنُ الذِي أَكثَرَ مِنَ الطُّرُقِ وَالرِّوَايَاتِ» (١).

ومنَ القرائنِ المرجِّحةِ لقبولِ زيادةِ الثِّقةِ:

أولاً: المتابعةُ: بحيثُ يُتابَعُ صاحبُ الزِّيادةِ على زيادتِهِ، ممَّا يؤكِّدُ ثبوتَهَا، ويدفعُ عنهَا شبهةَ الانفرادِ، ومنْ بابِ أولى إذَا كانَ الرُّواةُ لهَا أكثرَ، وكذلكَ إذَا كانُوا متساويينَ، قالَ الصَّنعانيُّ «ت ١١٨٢ هـ»: «المُلَاحَظُ القَرَائِنُ، وَالكَثْرَةُ أَحَدُ القَرَائِنِ» (٢). مثالُ ذلكَ زيادةُ محمَّدِ بنِ عجلانَ «وإذَا قَرأَ فأنصتُوا» في حديثِ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ»، قالَ أبو حاتمٍ «ت ٢٧٧ هـ»: «لَيسَتْ هَذِهِ الكَلِمَةُ بِمَحْفُوظَةٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ تَخَالِيطِ ابْنِ عَجْلَانَ» (٣).

فردَّ عليهِ العينيُّ (٤) «ت ٨٥٥ هـ» بكلامٍ طويلٍ، وأدلَّةٍ كثيرةٍ نقتصرُ منهَا على ما يأتي: «أَمَّا ابْنُ عَجْلَانَ فَإِنَّهُ وَثَّقَهُ العِجْلِيُّ، وَفِي «الكَمَالِ»: ثِقَةٌ كَثِيرُ الحَدِيثِ، وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ الجَمَاعَةُ


(١) نظم الفرائد ص ٢١٥.
(٢) توضيح الأفكار ١/ ٣٤٤.
(٣) علل الحديث ١/ ١٦٤.
(٤) محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد، أبو محمد، بدر الدين العيني، «ت ٧٦٢ هـ - ٨٥٥ هـ»، من كبار المحدثين، مؤرخ، فقيه حنفي، من كتبه: «عمدة القاري في شرح صحيح البخاري»، و «مغاني الأخيار في رجال معاني الآثار»، وغيرها كثير. انظر الضوء اللامع ١٠/ ١٣١، وسير أعلام النبلاء ٥/ ٢٥٥.

<<  <   >  >>